تثمين البحث : هل الحل في احداث آليات جديدة ام تفعيل الهياكل الناشطة !

Photo

في اطار الاستعدادات لتنظيم الايام الوطنية لتثمين البحث (JNVR 2017)، المبرمجة في لأشهر الاولى من سنة 2017 بتمويل من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، انتظم يوم 22 ديسمبر 2016"ملتقى البحث والصناعة" بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية، تحث اشراف الادارة العامة لتثمين البحث وبمشاركة المديرين العامين للبحث العلمي ولتثمين البحث ورئيس جامعة قرطاج. وحضر هذا الملتقى عديد الاطارات من وزارة الصناعة ووكالة النهوض بالصناعة والتجديد والمراكز الفنية وممثل عن اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية زيادة على الاساتذة الباحثين واطارات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبعض الهياكل التابعة لها.

وغاب عن الملتقى الصناعيون والمهندسون والتقنيون. وبعد تقديم موضوع الملتقى من طرف مكتب دراسات مكلف من الوكالة اليابانية، اتضح ان فحوى الملتقى يحوم اساسا حول احداث "منصة تعاونية" (Plateforme collaborative) لتثمين البحث، دون تقديم أدنى معطيات حول مفهوم هذه المنصة ومكوناتها ومهامها او الاسباب الحقيقة وراء فكرة الاحداث وهل هذه الآلية المقترحة تدخل ضمن اولويات وزارتي الصناعة والتعليم العالي والبحث العلمي ام هي فرضية مشروطة من طرف الوكالة اليابانية.

كما ان غياب الوضوح في التقديم الذي أعدّه مكتب الدراسات وعدم درايته بالمنظومة الوطنية للبحث العلمي بصفة عامة وبمجال البحث التنموي بصفة خاصة واشكالياته الميدانية، إنجرّ عنه نقاش حاد وطرحت عديد التساؤلات من طرف الباحثين تمحورت خصوصا حول ضبابية المقترح وأسباب ضعف الشراكة مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي وضعف الامكانيات المادية وغياب الرؤية والتحفيز والتسويق والتواصل والتنسيق بين كل الاطراف المتداخلة في عملية تثمين البحث.

كما اكد عديد المتدخلين ان خلق هيكل جديد لتثمين البحث يعتبر نوع من الهروب الى الوراء مع وجود هياكل لم يقع تفعيلها بطريقة مؤسساتية وديناميكية مثل مكاتب النقل التكنولوجي(BUTT) وشركات التصرف في الاقطاب التكنولوجية. وهنا تجدر الاشارة ان المسؤول الاول لشركة التصرف في القطب التكنولوجي ببرج السدرية الذي تدخل عديد المرات في هذا الملتقى تجاهل مكتب الدراسات والتجارب الذي احدث باتفاق بين هذه الشركة ومراكز البحث بالقطب ويتمثل دور هذا المكتب، كما قدمه المسؤول عنه في الجلسة الختامية، في تعزيز الخبرات وتطوير العروض والخدمات المقدمة من طرف مختلف مكونات القطب والتي تخص:


- مشاريع البحوث التنموية

- إدارة وتقديم المساعدة التقنية لمشاريع التعاون الوطني والدولي

- التحاليل والاختبارات والتجارب،

- التكوين المستمر.

وقد ثمن ممثل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي وفي مداخلته في الجلسة الاخيرة اهمية دور مكتب الدراسات والتجارب والذي يتوافق مع مفهوم ودور المنصة التعاونية.

كما قدمت، مداخلات عديد الاطراف من وزارة الصناعة والمراكز الفنية ومن معهد باستور، اضافة جيدة حول تفعيل الشراكة بين البحث والصناعة وتطوير الحلقات المفقودة في منظومة تثمين نتائج البحث. واشاد الجميع بفعالية مكتب النقل التكنولوجي بمعهد باستور المتكون من 3 اطارات متعاقدة تدفع رواتبهم من مداخيل المشاريع.

واشار المدير العام للبحث العلمي الى نقل تجربة هذا المكتب،الذي انطلق منذ 6 سنوات،الى بقية مكاتب النقل التكنولوجي التي بقيت في اغلبها قاحلة اومتكونة من اطار واحد. كما لوحظ غياب ممثلين عن مكاتب النقل بمراكز البحث رغم مشاركتهم المتعددة فيالدورات التكوينية الدولية دون استفادة مؤسسات البحث ونقل المعلومة للمعنيين بتثمين البحث.

وفي الفترة المسائية تعرف المشاركون في زيارة ميدانية لمختلف مراكز البحث على اهم البحوث التطبيقية القابلة للتثمين في مخابر البحث ونوعية المشاكل اليومية التي يتعرض لها الباحث.

واختتم الملتقى بجلسة ختامية عبرت فيها المديرة العامة لتثمين البحث عن اعجابها بقيمة المشاريع البحثية المتواجدة بمختلف المخابر والقابلة للتثمين وايدها في ذلك المدير العام للبحث العلمي الذي اكد ايضا ان مخابر البحث بهذه المراكز تختلف عن نظيراتها بكليات العلوم ومدارس المهندسين عكس ما صرح به احد الباحثين.

وبالرجوع الى اهم توصيات تقرير مشروع الدعم لنظام البحث والابتكار (PASRI) في نقطته الثالثة الخاصة بتحسين التفاعل بين البحوث العلمية والصناعة، كمايبدو ان هذا الملتقى كان ضمن خطة تفعيل المخطط الاصلاحي للمنظومة الوطنية للبحث (2016-2025) وان مكتب الدراسات المكلف بإعداد استشارة حول المنصة التعاونية غير متمكن من محتويات هذا المخطط، الشيء الذي ادخل بعض التمازج عند التقديم وأثناءالنقاش.

ان مثل هذه الملتقيات بين مختلف المتداخلين في عملية تثمين البحث مهمة جدا وتتطلب اكثر تنسيقا ووضوحا وفهما لعمق عملية البحث وثقافة الباحثين وبقية العاملين في منظومة البحث والوقوف على أسباب ضعف الشراكة بين الاطراف المتداخلة وهو مايعتبر معقد جدا خصوصا لغيرالمختصين في مجال البحث العلمي مثل مكاتب الدراسات الخاصة وان كانت لها كفاءات عالية في مجال بعث المشاريع والتي تعمل في مجملها بنماذج مستوردة تحقق "قصص نجاح" باهرة تبقى في مستوى ضيق ويصعب نقلها وتكرارها في غياب سياسة وطنية للعلوم والتكنولوجيا والتجديد.

وحتى لا تقتصر عملية الاصلاح على المفهوم "من الاعلى الى الاسفل" (Top-Down)، فان تثمين وتدعيم ونقل التجارب الميدانية الناجحة والمتفق عليها مثل مكتب النقل التكنولوجي بمعهد باستور ومكتب الدراسات والتجارب بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية يصبح امرا ضروريا وذلك لارتباطها بالواقع المتحرك وقبولها من طرف مختلف الهياكل المتداخلة في مجال البحث ولا تتطلب امكانيات مادية كبيرة. كما يمكن دعم هذه الهياكل بأطراف خارجية مثل انضمام ممثلين عن المراكز الفنية لمكتب الدراسات والتجارب بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية.


حمزة الفيل استاذ باحث بمركز بجوث وتكنولوجيات المياه

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات