المسألة أكبر من (الدهّانة) لعماري وبوغلاّب ومريم…

Photo

إذا سلّمنا بأنّ ما مارسه "المارينز" ضدّ الشعب العراقي هو شكل من أشكال الإرهاب وأنّ ما مارسه "المارينز" في الفتنام وفي أفغانستان هو الإرهاب بعينه.

فلنسأل كيف تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية كدولة صانعة لهؤلاء "المارينز" مع هؤلاء "الجنود" العائدين من المُستنقعات، وكيف تعامل الشعب الأمريكي مع هؤلاء "المرضى" النفسانيين الذين عادوا إلى الديار بكُتل من التشوّهات الخلقية والنفسية.

كيف تعامل الإعلام الأمريكي مع "الجنود" الذين مارسوا أبشع أشكال "الإرعاب" في سجون أبو غريب وكيف قامت السينماء الأمريكية بتبييض المواطنين الأمريكيين والمسئولين الذين اغتصبوا نساء العراق ورجالها واستباحوا حرمات الشعوب ودمّروا الأخضر والأصفر بغطاء "حماية الشعوب من إستبداد حكّامها" ؟

على كلّ حال لم نسمع بأنّ صوتا واحدا طالب برفع الجنسية على هؤلاء أو همس بضرورة التصدّي لعودة هؤلاء "الوحوش المُفترسة". بل طالبوا بفتح المراكز المختصة لعلاجهم ومتابعتهم والإحاطة بهم حتى يستعيدوا عافيتهم "النفسية" ويندمجوا داخل المُجتمع. هم مُقتنعون بأنّ هؤلاء العائدين من بؤر التوتر ومُستنقعات الدمار الشامل يُعانون من تشوّهات ويُمثّلون خطرا على المُجتمع وعلى عائلاتهم ويحملون بداخلهم وحوش بشرية مارست أبشع اشكال "اللاّإنسان" ومع ذلك تعاملوا معهم بعقلانية الطبيب الذي من واجبه مُعالجة "الخبيث" حتى وإن كان في قرارة نفسه يعتقد في لاجدوى العلاج وأنّ الحلّ هو البتر أو القتل الرحيم.

التوانسة العائدون من سوريا والعراق والذين يشتبه بانتمائهم إلى منظّمات إرهابية أو هناك شكّ حول مشاركتهم في أعمال ضدّ "الإنسان"، أو تأكّد السلطات من تورّطهم في عمليات قتل وتخريب، هم حبّينا أم كرهنا مواطنين توانسة بعضهم صُنع في معامل رسمية بأيادي تونسية أو أجنبية ومارسوا فعل الإرهاب عن قناعة وبعضهم الآخر ضحية دولة فاسدة ومُجتمع ظالم ومؤسّسات تعليمية وتربوية وإعلامية "لاوطنية". هم ثمرة منظومة فاقدة للقيم "الإنسانية" ونظام مافيوزي فاسد ورجال سياسة "إنتهازيين" ورجال دين يقومون بتبييض الإرهاب ونشر ثقافة الموت وإيهام الشباب بأنّ الله وعدهم الجنّة حيث الحور العين والخمور بجميع أصنافها.

إذن المسألة أكبر من )الدهّانة) لعماري وبوغلاّب ومريم وتتجاوز جماعة فقه القضاء وتربيع فصول الدستور وأكبر من هوّاة تغربيل الماء وتقشير العُصبان… هي قضية بحاجة للهدوء والحوار الرصين والتعامل غير المؤدلج ولا المُسيّس.

والأكيد أنّ الإانفعال المُفرط لبعض الإعلاميين والسياسيين في هذا الإتجاه أو ذاك دليل على تورّطهم بشكل مُباشر أو غير مُباشر.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات