منذ قليل اطّلعت على تقرير سبر آراء عن اتّجاهات التصويت في الشّرطة الفرنسيّة و أسلاك الأمن عموما ، وتحليل لخبراء عن خلفيّات التوجّهات اليمينيّة و أساسا للجبهة الوطنية لأعوان الأمن في فرنسا ، دون أن يثير ذلك أيّ تساؤل أو شكوك عن وجاهة تمكين الأمنيين من حقّ التصويت الانتخابي.
يمّمت وجهي شطر بلدي فتعزّز تحفّظي على تمكين الأمنيين من التّصويت لاختلاف السياقات ، حيث مكّن استقرار المنظومة الديمقراطيّة و مؤسساتها و إرساء أسس الأمن الجمهوري من ضبط حدود بين التصويت الانتخابي و المهامّ الأمنيّة بما لا يشوّش على دور هذه المؤسّسة و يحرّفها عن مسارها و مهامها و يقذف بمنظوريها في أتون الاصطفافيّة الحزبيّة و يخرجها عن حياديتها و رغم التّماسّ الواضح بينها و بين عالم السّياسة و الأحزاب.
في تقديري مهما كان مضمون التّوافقات و نتائج التّصويت فإنّ إشراك الأمنيين و العسكريين من حاملي السّلاح في العمليّة الانتخابيّة خطوة ارتجاليّة غير محسوبة العواقب تخضع لمزايدات سياسويّة أكثر من الدّراسة المتأنّية لتبعات هذا القرار على مسار إصلاح هذه المؤسّسات الوطنيّة في مرحلة انتقاليّة تأسيسيّة تقتضي ترك الأمنيين و العسكريين بمنأى عن التّجاذبات السياسيّة و الاصطفافات الحزبيّة ليكون ضميرها و وجدانها خالصا للمهامّ الموكولة لها دستوريّا .
إدارة الحوار حول هذه المسألة يفتقد للحسّ الوطني و التّفكير الاستراتيجي في المصلحة الوطنيّة.
كم نحتاج من جهد و وقت و تأطير و تكوين للوصول إلى هذه المعادلة المتقدّمة ؟؟؟