من وحي "هذا تقوعير عرب" لسفيان بن فرحات !!!

Photo

حتى تُحافظ على تميّزها الاجتماعي تعمل الفئة المهيمنة (على مجال الثقافة في تونس) على بقاء سوق السلع الثقافية التي تحتكرها خارج قوانين العرض والطلب وخارج قابلية التنافس الحرّ. عناصر هذه الفئة يربطون بين تقييم أنماط العيش - اللغة والأكل واللباس والأثاث ووسائل الترفيه- ودخول سوق جولان هذه السلع (المسرح، السينما، الأوبرا، الجامع…). وهكذا يجعلون من أذواقهم، باعتبارها أذواقا خالصة (PUR)، مرجعيات للتقييم وللحكم على أنماط عيش بقية فئات المجتمع مُتّخذين ممارساتهم "نماذج شرعية" وما خرج عن ذلك يسمونه "مروق" أو "تقوعير".

لكن ما يفوت بعض "المثقّفين" و"السياسيين" أنّ "النماذج الشرعية" لأنماط العيش تُبنى وأنّ "الذوق": أحد أسس شرعنة هذه النماذج، يتغيّر بتغيّر سمات المهيمنين على سوق السلع الرمزية. في تونس مثلا تحوّلنا من هيمنة نمط البايات إلى هيمنة النمط الاستعماري واليوم المعركة بين أنماط مُتعدّدة )البايات، والمُتفرنسين، والمُتأسلمين، والأتراك(… وكلّ جماعة تسم الآخرين المُغايرين لنمطها "بالمقوعرين" أو "المارقين".

في بلد يُهيمن على مشهده الثقافي كافون ومنال عمارة ومريم بن مولاهم ومريم بن شعبان وسمير الوصيف ويُهيمن على مشهده الإعلامي سمير الوافي وعلاء الشابي وإنصاف اليحياوي… يكون "التقوعير" في أعلى تجلّياته وبأبعاده اللغوية والجمالية والذهنية "ذوقا صافيا" وركيزة لبناء "نمط عيش" تكون "قطّوسة منال عمارة" و"قهوة إنصاف اليحياوي" أحد تعبيراته.

ولذا يا سي سفيان بن فرحات حتى وإن استعملت لكنة فولتار ولبست ثوب نابليون واستشهدت بجهابذة القانون الفرنسيين وعرضت عضلاتك الفكرية وذكرت بين الجملة والجملة اسم مُثقّف فرنسي وفيلسوف تنويري وأشرت إلى فضاء ثقافي فرنسي قمت بزيارته. فأنت بمعايير "الذوق المهيمن": "مقوعر".

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات