عندما لا تجد لمن و لا لما تكتب ..الوطن الصحراء ..

Photo

(مشهد أصغر من حروف كاتب)

الكتابة ليست فقط قول فكرة و ابداء رأي و لو اقتصرت على ذلك لكانت عملية ميكانيكية باردة ..الكتابة أيضا اثارة أحاسيس و تعبئة أرواح من أجل هذه الفكرة أو ذاك الرأي و بذلك يضع الكاتب فيها ما يفيض عن الفكرة و الرأي من دم مشاعره كي يحس أنه يعيش من أجل قضية أو فلنقل انه يموت حياة من أجلها .

في كل مراحل التاريخ المفصلية للشعوب هناك زعماء أو حركات أو أحزاب يختزلون مشاريع أو قضايا وطن و مثلما يُفصل الكُتاب في أفكار هذه المشاريع و القضايا فانهم يعبئون أيضا بكتاباتهم حول هؤلاء الزعماء أو تلك الحركات فتفيض من كتاباتهم ما تختزنه الارواح الكاتبة من أحاسيس فائقة لا تلبيها فقط الكتابة الباردة عن الفكرة و الرأي .

الكتابة لزعيم حقيقي أو لحركة وطنية ذات مشروع حقيقي ليست نقيصة للكاتب ما دام ذلك جزء من تنظيره للفكرة و الرأي التي ينذر نفسه من أجلها و لم يحتقر الناس إلا كتابا حقيرين يكتبون لزعماء أكثر منهم حقارة .كان لكاسترو و عبدالناصر و نهرو و غيرهم من كبار الزعماء كُتاب كانوا لهم منظرين و معبئين دون أن ينقص ذلك من صفاتهم ككُتاب أحرار .

الكاتب الحقيقي شاعرا كان أو فيلسوفا أو أديبا أو صحفيا يحتاج زعماء حقيقيين و مشاريع حقيقية يبشر بهم و بها . ليس أبشع من أن يعيش الكاتب في المراحل الحاسمة في وطن بلا زعماء و لا مشاريع يليقون بفائض احساسه و عميق كلماته .

في الوطن المتصحر بلا أفكار و لا مشاريع و لا زعماء و لا حركات إلا ما يدعيه البعض من سراب مستعار يهرب الكاتبُ لذاكرة الأمة كي يبحث عمن يكتب له .. ضجيج الصغار هذا لا يليق بوطن ..هل قدر الكاتب أن يكتب فيه لشاهدة قبر من قرون مضت ؟؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات