لا يمكن لأي متابع للشّان التربوي أن يقرّ بأنّ المدرسة العمومية ليست في أزمة حادّة. و لعلّ مظاهر سوء النتائج و استفحال العنف و الحالة السّيئة للبنية التحتية هي تجليّات لا يمكن أن يخفيها إلا مداهن كاذب.
المشكل في المدرسة العمومية ليس اختيارات فاسدة أو اجراءات اعتباطية فحسب؛ بل يتعدّى إلى الفهم بضرورة وجود مدرسة عمومية. هل مازال المواطن يقدّر قيمة المدرسة في وصول ابنه أو ابنته إلى القضاء على الورم الأوّل لوجودها وهو الأميّة؟. بات المواطن على ثقة بأنّ المدرسة لم تعد وظيفتها تعليمية تعلّمية، ولا تقدّم لابنه غير معارف لا يمكن بحال أن تجعله قادرا على فهم نفسه و ما حوله.وهاهو اليوم يرى أنّ الاضرابات بكل أشكالها ليست في المطالبة ببقاء مدرسة الشّعب، بل هي صراعات خارج إطار المدرسة ووظيفتها.
المواطن فهم أنّ المدرسة هي فضاء رقابي يساعده على التّخلّص من أبناء - ولو لوقت قصير- من غضبهم و إقذاعهم و كثرة طلباتهم. فالولي ما عاد مربّيا بل مانحا للمال و موفٍّرا للضروريات المعيشية و الكسائية وهو - إن لم يفعل- ينتظره التهديد مع الوعد بالانتحار. أصبح الأولياء يخافون إن تشدّدوا عليهم فهشاشتهم النفسية و الرّوحية قد تعجّل بذهاب أرواحهم.
أمّا المدّرسون فهم على صفيح ساخن، فلاهم استطاعوا أن يقدّموا معرفة قابلة للتعليم و التعلم تساعد المتعلّمين على بناء معارفهم و تحصين عقولهم من دواخل الانفعال و أكاذيب الوجدان و سفاجة العقل الزّأئغ. فتراهم يتصرّفون بكل فظاظة العنف و قذارة الألفاظ.
سعى كل طرف متدخّل في الحياة المدرسية إلى جذب وهج المدرسة إلى فلكه، فعملت سلطة القرار التربوي على الاستفراد بالمنظومة التربوية. و كانت الخطّة تنبني أساسا على تقزيم دور المربّي. هذا المدرّس الّذي يمكنه أن يغيّر المعادلة في المدرسة يجب أن يحجم دوره. أن يعود إلى الطّاعة دون مناقشة. هكذا تصوّر هؤلاء نجاح مشروعهم. يجب أن يمرّ عبر تغليف جماجم المدرّسين.
و كان الطٍّرف النقابي يريد بكلّ قوّته أن لا تعود عنجهية العصا، و لم يقبل أن يكون المدرّس عزيز قوم، لا مشاركة له إلاّ التّطبيق الحرفي لخبائث غايتها النيل من المدرسة العمومية. و كانت الغاية أن يكون المشورع التربوي قائما على المحافظة على مجّانية التعليم و ديمقراطيته و العمل على رفع المستوى التكويني و التمهيني و المعرفي و الإداري. لم يتحقّق كل ذلك.
اليوم الصّراع مفتوح في جانبه ألإعلامي فأصحاب القرار التربوي خسروا القاعدة الأستاذية و وهم يعرفون أنّ ذلك النجاح لا يمكنّهم من البقاء لفترة طويلة. وهاهم يسرّعون في القرارات الارتجالية قد تجبر الخلف على الانصياع إليها.
عملت وسائل الإعلام على الترويج لمعركة شخصية بين رأسين، وهو تكتيك إعلامي يجعل صاحب القرار التربوي في مأمن من غائلة الأولياء الذّين لا يتّخذون قراراتهم إلاّ عبر أجهزة إعلامية رخصية الثمن .
لسائل أن يسأل : أين المدرسة؟ وهل الخصومات النرجسية ستقدّم الحلول الممكنة؟ قطعا. …………
ربّما التفكير في المدرسة العمومية أفضل من المهارشات الإعلامية. فماذا قدّم صاحب القرار التربوي للمدرسة العمومية؟ ماهو مشروعه الحقيقي و ليس الافتراضي؟ هل فعلا توجد مؤسسات رعاية للأكل و الإقامة و النقل تقوم بأعمالها حاليا؟ كيف يمكن أن يكون مشروع القانون التوجيهي الجديد تأسيسا لمدرسة تجبر الأولياء على دفع الرّسوم الباهضة لقاء خدمة التعليم؟ هل سيسعى القانون الجديد للمدرسة إلى تسريح عدد هائل من المدرّسين الزّائدين على النّصاب و تنتصب شركات رعاية للمدرسة العمومية؟ في الأخير هل يمكن أن يقع نشر قائمات لجان الإصلاح التربوي و الوقوف على حقيقة كفاءتهم العلمية و التعليمية.
لماذا وقع الاستئناس بخبرات مراكز بحث أجنبية في مشروع وطني؟
حقيقة المشكل
بقي الجمع الغفير من المتابعين للشأن التربوي يشكّكون في جدوى المطالبة بالإقالة أو الاستقالة. هذا التّركيز على قضيّة هامشية أمر مزعج. فهل اجتمعت عقول المدرّسين على الحصول على مكتوب لا يغنيهم و لا يعفيهم؟
المدرّس بالإقالة أو بالاستقالة هو باق في مكانه إلى أجل مسمّى. لماذا؟ من الغباء الحديث عن الإقالة و الاستقالة في المستوى الشّخصي؟؟؟؟؟؟؟ المشكل اليوم هو صراع حول مشروعين:
- مشروع تربوي إعلامي طنينه يصمّ الأذان و فاحت رائحة ارتجالاته و كثرة تخبّطاته.
-مشروع ميداني واقعي يريده المدرّسون و يحافظ على المدرسة العمومية و يجعلها قادر ة على لعب أدوار اجتماعية عظيمى.
المدرّسون يريدون مدرسة عمومية مجّانية ديمقراطية حداثية تقدّميّة. فمن يعمل على إعلائها. فهو مرحّب به. ومن يعمل على إدخال شركات الرّعاية للمؤسسات و خوصصتها و دحرجتها إلى القاع فينصرف. و شكر الشّيطان سعيه.
شاهدت
مقابلة تلفزية على قناة فلوس الشّعب. المقدّمة للبرنامج استضافت كاتب عام نقابة التعليم الثانوي.
1- قالب الأسئلة :
سمعت عنك؟ قالوا عنك؟ يروّج عنك؟
2. مضامين الأسئلة
الشخصنة/ العدائية / بااندي/ لزعاماتية
3. مجال الأسئلة :
الانفعال الغرائزي.
4. الحياد الإعلامي
سقوط حر في الانحياز إلى جهة صورة السيادة.
5. الخطّ التحريري
توجيه مقزّر للجمهور.
الملاحظة
تسلّم إلى أهلها لعدم : أهليتها بالموضوعية الإعلامية و ضرورة إعداد أسئلتها و الالتزام بالحياد. فالتلفزة الوطنية سليلة روّاد عرفوا أنّ الباقي هو الجمهور و ليس سخائف الشّخوص.