التحوير الوزاري.. الأهم والمهم

Photo

لم تغلق حكومة يوسف الشاهد ستة أشهر من عمرها، حتى أجرى التحوير الأول على تركيبتها، ورغم أن هذا التحوير لم يمس إلا ثلاث حقائب، فإنه هام، إلا أن أهميته لا تكمن في تسمية وزير الشؤون الدينية، لأن المقعد شاغر منذ أشهر ولم يشعر أحد في الحكومة وخارجها بالفرق بين وجود وزير من عدمه. كما لا تكمن الأهمية في توليد كتابة دولة للتجارة، حتى وإن أصبحت حكومة الشاهد بذلك تعد 42 عضوا وهو نفس عدد أعضاء حكومة حمادي الجبالي التي أثارت الجدل -في حينها- حول ما تكلفه لخزينة الدولة بسبب كثرة أعضائها.

إلا أن أهمية التحوير تكمن في أمرين، أهمهما أنه لم يمس ناجي جلول وزير التربية، بما وضع حدا للشائعات حول إقالته، والأهم من ذلك أنه كان جوابا واضحا لاتحاد الشغل ولنقابات التعليم تحديدا، بأن الوزير الذي طالبت بإقالته باق في منصبه. أهم من ذلك فإن استبقاء جلول رافقته تسريبات أو إشاعات حول إنهاء التفرغ النقابي الذي يتمتع به أعضاء نقابتي التعليم الأساسي والثانوي، والذي اعتُبر "أحد أشكال الفساد" حيث أنه لا يستند إلى نص قانوني.

أما الأمر الهام الثاني الذي حمله التحوير، فلا يخرج هو أيضا عن العلاقة مع اتحاد الشغل، ويتعلق بإقالة وزير الوظيفة العمومية والحوكمة عبيد البريكي فيما اعتبره هو نفسه "إهانة". ولم يقف الأمر عند ذلك بل عوضه وزير قادم من نقابة الأعراف. بمعنى أن التحوير كان على حساب اتحاد الشغل. فما هي دلالات ذلك؟

من الواضح أن مثل الدور الذي قام به الاتحاد في عهد الترويكا، أصبح غير مرغوب فيه داخليا وخارجيا. وربما نفس الجهات التي كانت تحمد للاتحاد ذلك الدور تحولت إلى الخشية من القيام بمثله. ونعني بذلك أوساط المال والأعمال في الداخل والخارج أيضا. حيث أن من شروط هذه الأوساط ضمان "السلم الاجتماعي"، و"ترويض" العمل النقابي بما يؤدي إلى الحد من الإضرابات الخ. وقد لا تخرج عن مثل ذلك توصيات صندوق النقد الدولي.

التحوير الوزاري وجه إلى هؤلاء إشارة "إيجابية" تتمثل في تسمية أحد الأعراف على رأس الحقيبة المكلفة بملفات الفساد التي تعنيهم بصفة أساسية. لكن ما مدى تقبل الاتحاد لمثل هذه التوجهات؟ وهل أن الحكومة اطمأنت إلى جانب الاتحاد؟ أم أنها تراهن على "تفهمه"؟ أم لديها أوراق للضغط عليه بما يدفعه إلى الصمت؟

هنا نتذكر الاتفاق الذي تم في ماي 2011 بين الباجي قايد السبسي، الوزير الأول آنذاك، وعبد السلام جراد أمين عام الاتحاد، بما ضمن "سلما اجتماعيا" إلى انتخابات المجلس التأسيسي، وكان من بنود ذلك الاتفاق تعهد السبسي"عدم إثارة أي دعاوى قضائية ضد قيادة الاتحاد"، مقابل تعهد جراد "بعدم رفع سقف مطالب الطبقة الشغيلة أثناء المفاوضات الاجتماعية" و"عدم تبني الإضرابات بالقطاعات الحساسة…". تلك البنود التي جاءت كما هو واضح تحت الضغط، هل أنها تستعمل من جديد للضغط على الاتحاد؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات