النتيجة التي آلت إليها الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي هي نتيجة طبيعية جدا و لم يكن منتظرا أكثر و الرهان لم يخسره الأساتذة.
المكتب التنفيذي لا يمكنه أن يتبنى قرارا بالإضراب المفتوح من أجل إقالة وزير لأنه :
اولا : الاضراب المفتوح ليس من تقاليد المنظمة.
ثانيا : و لقد وقعت الحكومة في مأزق من الإضرابات التي من المفروض تخصم من الأجر من طرف الحكومة و تدفع من طرف الاتحاد للمضربين قانونيا. و لقد فرض الاتحاد تمشيا خاطئا في الاضرابات وهو أنه يفرض على السلطة عدم الخصم. و هنا أعتقد أن النقابات و كذلك المربين أن يرفضوا هم أنفسهم أن لا يقع القطع من الراتب بل يطالبون بأن يقع الخصم.
ثالثا : لقد تأكد للمكتب التنفيذي أن الحكومة كلها تشترط بقاءها ببقاء جلول و هذا هام جدا حيث أن ترحيل جلول جعله الطرف الحكومي بمثابة إسقاط الحكومة.
رابعا :و هو الأهم حين يتبنى الاتحاد هذا القرار فسيكون قرار كل القطاعات و كل النقابات العامة بما فيها نقابات القطاع الخاص. لكن الواقع أن الأساتذة و لمعلمين فقط، زيادة إلى ثلة من المواطنين الواعين و القريبين من الشأن التربوي بما يسمح لهم من إدراك حقيقة الفشل الذي أظهره جلول و خطورة بقائه في الوزارة، هم من يطالب برحيل هذا الوزير.
فغدا حين ترفض الحكومة المطلب و يقتضي الأمر التصعيد فهل سيجد الإتحاد دعما من باقي القطاعات و القواعد العمالية بصفة عامة بمختلف أصنافهم ؟ طبعا لا.
ماذا بقي ؟
أليس مطلب رحيل جلول هو مطلب قاعدي من أوسع قاعدة المربين بأصنافهم؟ أليس أن المربين يؤكدون أن الوزير أصبح يشكل خطرا على العملية التعليمية بقراراته الإرتجالية و التي أثرت سلبا في الحياة المدرسية مثل قرارات ترتيب المراقبة المستمرة و نظام العطل و الارتقاء الآلي؟ و أن هذه القرارات يخشى أن تتواصل بما يزيد الطين بلة إلى درجة ممكن أن ينفجر الوضع مثلما انفجر في صفوف التلاميذ هذه السنة.
فلا بد للمربين و هم نخبة من النخب النيرة في المجتمع أن يواصلوا تحمل مسؤولياتهم التاريخية و يتحدون الظروف و يخوضون النضالات الشرعية و لو لم تكن قانونية ( النضال الشرعي هو النضال الذي تقرره القواعد و الإطارات النقابية مهما كان موقف المركزية النقابية منها. و النضال القانوني هو النضال الذي يكون نتيجة قرارات تتخذها سلطات القرار في الاتحاد و منها الهيئة الإدارية. و هذه تتحول إلى لقاء جهات حين لا يوقع عضو المكتب التنفيذي الذي أشرف عليها لوائحها.)
و هنا لا بد أن يعلم الجميع أن أغلب النضالات التي فرضت أمرا في العهود التي سبقت الثورة. كانت شرعية أكثر منها قانونية.
فمن كان يعول على النضال المجاني بدون أي مضاعفات فعليه أن يجلس و ليواصل الطريق من اقتنع منذ عهود الظلم و الاستبداد بأن لكل شيء ثمن.
بقي أن الهيئة الإدارية التي تحولت إلى لقاء جهات انفضت بتسرع حيث كان بإمكانها أخذ قرارات أخرى بديلة منها مثلا أن تصاغ عريضة يوقعها المربون يطالبون فيها بإقالة الوزير. أو أن يتخذوا قرارا بحمل الشارة الحمراء إلى أن يرحل الرجل. و هنا أتساءل لماذا نقاباتنا لم تقتنع بجدوى هذا السلاح المتطور و الراقي للإحتجاج؟ ,
كما أنه كان من المفروض أن تتجه الهيئة الإدارية إلى سلطة القرار الأخرى و هي مجلس النواب و مطالبته بسحب الثقة من الوزير. و هنا لا بد من التنسيق مع المعارضة داخل المجلس في هذا الشأن.