بعد ايام يتم اختتام سنة ،،عاصمة الثقافة العربية صفاقس،، لنكتشف ضياع فرصة اخرى على تونس التي هي الان احوج ما تكون الى استثمار كل مناسبة دولية لتدعيم صورتها مهدا لولادة عصر الشعوب العربية و الانبعاث الحضاري و الديمقراطي بعيدا عن مؤامرات الفوضى و الارهاب التي يحرص على الصاقها بها المثبطون و بقايا منظومة الفساد و الاستبداد من هجائي الثورة و مشوهيها مدحا للقديم البائس و حنينا لفضاعاته .
تشكلت هيئة التظاهرة دون فهم لطبيعتها و اهدافها التي وضعتها لها الجهات الدولية التي جعلت هذه التظاهرة المتنقلة بين العواصم و المدن العربية فرصة لتثمين الخصوصيات الثقافية المحلية و ابراز اعلام و معالم منطقة التظاهرة و توثيق ثرواتها الفكرية و الفنية و الابداعية و عاداتها و قيمها و اظهار تراثها المادي و الرمزي و قدرته على المعاصرة و التجدد و تأكيد كونيته بتوضيح تشكله ضمن العلاقات و التنوع الاثني و تعدد الحقب التاريخية التي مرت بها منطقة التظاهرة .
كل ذلك في سياق رؤية انثروبولوجية ثقافية و نسبية تؤكد جدلية العلاقة بين تعدد الخصوصيات و وحدة الكونية بعيدا عن التنميط العولمي و مركزية الثقافة الغربية و رداءة النمط الغازي او رثاثة التهريج الشعبوي.تظاهرة العواصم الثقافية هي فرصة المبدعين المحليين على كسر هيمنة الفاعلين المسيطرين على ،،مركز،،،المشهد لتظهر ابداعات ،،الهامش،،ليفتك لحظته في عرس التنوع الصاعد من اعماق الجذر الخصوصي الى ساحة العالمية المتنوعة.
تصرفت هيئة صفاقس عاصمة الثقافة العربية مثل لجنة مهرجان نمطي توزع ،،العرابن،، بين الضغوط و الترضيات و تاليف القلوب و غرقت في صراعاتها البينية و برمجتها المرتبكة و تكفل وزراء الثقافة المتعاقبون في الحكومات الاربعة بإطفاء نيران سوء التصرف و توزيع الغنيمة على المتجاذبين رغبة في انهاء التظاهرة باقل ما يمكن من فضائح و على امتداد سنة التظاهرة كانت هيئة ،،المهرجان الجهوي،، تجهد نفسها في اخفاء مهزلتها بدعوة "نجوم"التليفيزيونات العربية و الكليبات و افلام المقاولات و ،،مثقفجي،،العواصم الاخرى مثل عادل امام و ،،شاعر العروبة،،ادونيس في مقابل الاكتفاء بمنح فتات مالي لبعض مبدعي الجهة لا تكفي لإنتاج عمل هواة في دار شباب بقرية نائية .
و على امتداد سنة كاملة تم صرف اموال واقعية و افتراضية على حلويات و مشروبات ندوات بائسة اعدت جمعيات صغيرة احسن منها و جمعت جمهورا اكبر منها وبعد ،،مرمة،،عبثية بالملايين تم صرفها لما يسمى كنيسة باب بحر التي كانت تستثمرها فرق الجهة في تاطير شباب و اطفال الجهة في الرياضات الفردية و الجماعية ليبقى المسرح البلدي خرابا محروما من التمويل الدولي الذي خصصته الجهة الاممية و الوطنية لترميم المعالم الثقافية في المدينة التي يقع عليها الاختيار سنويا .
و بعد ان نال بوغلاب و المزغني و غيرهما نصيبهما في مهزلة اقصي فيها مبدعو و سكان الجهة تختم هيئة العرابنية فضيحتها بعد ايام بحفلة غنائية ،،يربخها،،في الشارع مغني التطبيع صابر الرباعي و زميلته المصرية انغام و ينشطها نجم مسلسلات مصرية في ساحة مفتوحة سيتدافع فيها المواطنون كما وقع في الافتتاح الذي تحولت فيه شوارع المدينة الى ما يشبه ساحة باب الفناء في مراكش حيث تاه الجمهور بين حلقات بوسعدية و مراقصي الثعابين.