سجّل يا تاريخ التّربية

Photo

وجع المدرسة

وجد باب القسم مخلوعا، فالتّلاميذ تعوّدوا أن يقلعوا ما لا يحتاجونه في الدّراسة. أجال بصره في الجدران، استقرّت بنظره رسمة جدارية لفتاة طويلة. شعر بضيق شديد. لماذا لم يقع دهنها فهي خادشة للحياء؟ قد يكون العامل في رخصة مرض مزمن.

تذكّر أنّه بقسم في مدرسة وضعت لها شعارا خشبيا. المدرسة أخلاق و علم وعمل. وهزّته ضحكة ساخرة : أيّ أحمق جمع تلك الكلمات لتخرج لا حياة فيها؟ لا شكّ أنّه كان سخيف الرّأي عديم البصيرة.

واصل جولته متفقّدا الطّاولات، أوقفته طاولة مكتوب عليها" أحــبوك" ساءه أن لا يكتب الحروف سليمة و أن لا ينقل شعوره دون غلط تجاه، ربّما الطّاولة؛ ولكنه في أحسن الحالات تعبير عن توق إلى شخص ما.

و لم تكن الطّاولة الثانية بقادرة على أن تحجب عينيه عن خربشة صرف فيها تلميذ جهدا كي يعود بها إلى حيوانية العراء.

كانت صورة مزعجة كثيرا. تساءل : لماذا يضع هؤلاء التلاميذ مجهوداتهم في تنفيس عن مكبوتهم الجنسي فوق طاولة؟

لم يقدر على مواصلة الجولة، فالخدوش و الخربشات و الندبات جعلته يسرع بالخروج، ولكن رائحة وصلت إلى خياشيمه المسدودة بفعل زكام حاد: رائحة ماذا؟ قويّة نافذة . لم يستطع تحديد نسبتها هل هي لحيوان بشري أم لحيوان...؟ ولكن كيف يجرؤ شخص ما على فعل تلك الفعلة؟

استجمع كلّ قوّته الفكريّة، و راح يرتّب ما شاهده، وهو المسؤول عن متابعة سير النّظافة بالمدارس العمومية. فهي خطّة جديدة فرضتها حالة التّعدّي على رمزية المدرسة. وصل باب المدير، فاستدعاه إلى مكتبه،قال له : ليس الأمر يحتاج إلى حوار معك، فقاعات الدّرس خالية من كلّ مظاهر الحياة المدرسيّة.

انزعج المدير، و قطّب حاجبيه: هل كنت تعتقد أن تجد مدرسة أم وكرا؟ - يبدو أنني دخلت المكان الخطأ.

بعد سنة عاد إلى نفس القاعة، فوجد أنّ الرّسمة الجدارية لتلك الفتاة قد أضيف إليها فتى. تقهقر و ذهب سريعا إلى أقرب دكان، فاشترى منه سطلا من الدّهن و "رولو". وطفق يدهن، و في رأسه أن يمنع عنهما إنجاب الأطفال في فضاء جداري له رمزيته المعرفية.

سجّل يا تاريخ التّربية

صدر قرار إيقاف الدّروس بالمدارس و المعاهد. هو قرار سيجعل عديد التهافوت(جمع تافه) يتطاول على المربّين، و تفرش لهم ألسنة السخط كي يقنعوا الأولياء " بانعدام الإنسانية وروح الوطنية" .

لهذه الجيوب من مسالك قنوات التطهير الكلامية. ابتعدوا عن قطاع التربية. فلستم أنتم أحرص من المربين على مصلحة المتعلّمين. لكلّ غيور على المدرسة العمومية أنت في قلب الفعل في التاريخ التربوي.

عانت المدرسة العمومية من سفلة التمخوير و التهميش و التجهيل. المدرسة العمومية تريد أن تكون منارة معرفة و قبس تعليم و شعلة تعلّم لكافة أبناء الشّعب بعيدا عن شطحات الفولكلور السفسطائي.

المدرسة العمومية هي قاعدة الإصلاح الحقيقي لمجتمع كثرت أوجاعه من عنف و انحراف و جهل و أميّة زاحفة. إيقاف الدٍّروس يعني بكل بساطة اننا لا نحتاج إلى تغيير المدارس و المعاهد بمؤسسات ربحية لشركات رعاية هدفها الغنم المالي .

المدرسة العمومية رمز العزة لوطن غال عزيز يحتاج مدرسة عمومية يشرف على تسييرها مختصون لهم كفاءة علمية تعليمية تعلمّية و يقدّرون المربّين . وليس مجرّد ديكور إداري ليست له من مهارة " إلاّ رقصة زوربا".

عاشت المدرسة العمومية مدنية مجانية تقدّمية ديمقراطية تصل إلى أقاصي البلاد و كافة أطرافها.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات