الشعوب الكبيرة تصنع معاركها العظيمة..
يشير ،،يونغ،،في كتابه ،،تاملات في العنف،، انك لا تستطيع حمل الناس على الفعل ما لم يكن لديك يوتيوبيا (أساطير..احلام كبرى ..طموحات ..مشروع عظيم معبئ)(الاضافات التفسيرية من عندي…)
هذه الانشغالات الجزئية التي نراها على فضاء النشطاء ليست دائما نتاج مؤامرات تلهية او صرف اهتمامات الى قضايا صغيرة (دفاع على الاسلام العظيم في مواجهة علبة ليلية..دفاع على الارض المدورة في مواجهة الرجعية العلمية ..الخ…)
الأمر في الحقيقة تخبط كائنات مسكونة بطاقة الفعل في البحث عن قضية معبئة بعد افول قضية الثورة و الانتقال من اجل وطن قوي حر و كريم و مستقل ..
مؤامرات التلهية و الانحراف بالحماس التعبوي للشعوب العربية المنكسرة تمت في مستويات اخرى اكبر من هذه السفاسف مثل التعبئة المؤامراتية للحماس في الصراعات المذهبية و العرقية بديلا عن مواجهة الفساد و الاستبداد و الصهينة و التدخل الاستعماري لنهب الثروات المادية و الرمزية و لم تتم في الحقيقة في هذه السفاسف من العلم الى التمساح و العلبة و الارض الدوارة .
هذه السفاسف كانت من اختراع الناس الصادقين فعلا و قد صنعوها لأنفسهم و هم متروكون لاجتهاداتهم العفوية ما دامت نخبهم و طبقتهم السياسية المصنوعة و المخترقة و الضعيفة غير مسموح لها في ،،ديمقراطية الفساد و الارتهان،، ان تصنع لأتباعها و شعبها أحلاما وطنية كبرى …
حتى ،،المعارك الاجتماعية،، و انتفاضات الجهات المهمشة لا يمكن ان تكون تمهيدا لصنع الاحلام الكبرى التي تدخل بها الشعوب العربية الى طاولة التفاوض الدولي على كرامتها و انبعاثها .
.حق الشغل و الاكل و الخروج من الفقر ليست إلا خميرة للتعبئة على مشروع كبير عندما تتمكن النخبة و القيادات الفكرية ان تؤكد للجائعين و الفقراء و المحرومين ان الحل الجذري لمشاكلهم المادية هو في الانخراط في مشروع الكرامة الوطنية الكبير ضد فرعون و قارون الدوليين .دون ذلك تبقى الانتفاضات ،،المادية،، و حلولها ،،الجزئية،، هي ايضا جزء من مؤامرة ،،التلهية،، بصراعات و انتصارات صغيرة عن المعركة و الانتصار في المشروع الكبير.
حتى مقاومة الفساد هذا الشعار الجميل نفسه و رغم صحته و صوابيته يمكن ان يصبح كذبة دعائية للإحساس بالرضى على النفس بأن ذات الفاعل بصدد خوض معركة من اجل قضية حين يصبح هذا المشغل جزئيا بلا رؤية تحرر وطني كبير.
سترون بعد أيام مثلا في هذه القضية ان سليم الرياحي سيصبح شبيها بسامية عبو و شوقي الطبيب .أليس هو أيضا قد قال أنه جاء على ،،زقفونة محسن مرزوق،، ليقاوم ،،المافيا و حكم العائلة،،يا عيني؟
نعم يمكن للمشروع الوطني أن يتجزأ في معارك صغيرة لكن يجب ان يوجد هذا المشروع الوطني الكبير أولا حتى تصبح المعارك الصغيرة كبيرة في أفقه و على طريقه الطويل .عدا ذلك تكون المعارك الصغيرة صغيرة يظنها المساكين كبيرة .
اذا كان هناك من مؤامرة فعلا فهي مؤامرة ديمقراطية مفتتة بلا افق و مؤامرة صنع طبقة سياسية بلا قضايا كبيرة تلعب في سقف كبير صنعه لنا محرك العرائس .
هذا عصر الشعوب الكبيرة بالأحلام الكبيرة ..اذا كان من حلم كبير لهذه الامة فلا مناص من البحث عنه في عقل مقاوم هناك في اقصى الارض على اكناف فلسطين و ذاك هو نموذج ،،الحالم الكبير،، الذي يتجند محرك العرائس حتى لا يصبح نموذجا للناس الطيبين الباحثين عن احلامهم الكبرى في الصراع مع بوغلاب و العماري و سليم الرياحي و الغنوشي و البجبوج من علبة الليل الى ساحة التمساح.