المقامة التَّعْوِيمِيَّة لدِينَارِ الحُكُومَةِ البَهِيَّة

Photo

وذكر لي الرحّالة "ابن المَقْعار" فيما ذكر من أخبار افريقيّة وتؤنس وأحوال أهلها، ما نصّه:

وكان أن مرَّتْ بلاد تُؤْنس بمرحلة اضطرابات، بعد ثورة قيل عنها أنها غضبة الشبّان والشّابّات. فاجتمع عِلْية القوم من أحزابٍ ونقاباتْ، وتواصوا بينهم بأنْ لا يغادروا "دار الضيافة" إلاّ وقد تخلّوا عن التّراشُق وانتَهَجوا نهْج التّوافُق، بمبادرة الشيخان، وبمباركة الافرنجة والامريكان. فاختاروا بعد أخذٍ وردٍّ ومشاورات طويلة بين من هو "مَعَ" ومن هو "ضُدّ"، حكومة يرأسها رمز من رموز الشباب، لا مخْلَب له ولا نَابْ. وسرعان ما أعادوه للكتابْ، حتى يتعلّم ويجيد فنون الخطابْ، ممّا ترقُّ عند سماعه قلوب الرعيّة، ومما يعجب ذوات الطلْعات البهيّة، نسْوةَ "البَجْبُوجِيّة"، وهي فِرْقة، على انتسابها إلى الجنس اللطيفْ، شديدة البأسِ في هذي الديار، ويقال أنّ تعدادهنّ مليون ونيفْ، ممّن يدافعن عن حريّتهن وعن بعض المكاسب المستحدثة، من الغُبن والحجْب والزّيْف.

ومرّتْ أسابيع أُخرْ، وأُعلن عن تشكيل الحكومة في يوم أغرّْ. فاستبشر الناسْ، واختفى من الإعلام كلّ وسواس خنّاسْ. وأَعْلن رئيس الوزراء عن انطلاق مرحلة جديدة، ستقود البلاد نحو نَهْضة وانجازات عديدة. وأَطلق مِن عَلى منبر البرلمان، صرخة كصرخة نبي الله يونس، وقال: "يِلْزِمْنا ناقْفُوا لْتُونسْ".

ورأى الإعلام، الذي التزم منذ تلك اللّحظة أخلاقَ الكِرام والأحبابْ، في مقولة الوزير عين الصوابِ وابداع الشبابْ. وانبرتْ شِلّة لُطفِي ومريمْ ونوفل وبرهان والبوغَلاّبْ، في ذكر وتمجيد مناقب الوزير الشابْ، الذي له العديد من المحاسن والخصال، والكثير من القْبُولِ والكراماتْ، ومنها أنّ داعش لم تعد على الأبوابْ، وأنّ البورصة ابتسمت بعد طول اكتئابْ، وأنّ الفقر اضمحلّ وكذلك "الزِّبْلَة" والإرهابْ، وداهمت جحافل السُيَّاح الفنادق من كلّ مَدْخلٍ وبابْ، وانزاحت عن الأفق جيوش النَّامُوسِ والذبابْ. أمّا "خالتي مْباركَة"، فقد ثَقُلَتْ قُفَّتُها، زِيادةً عن الفلفل، بما لذَّ وطابْ، وصارت "تِتْغَدَّى" في "اللاَّكْ" Lac و"تِتْعَشَّى"، نِكاية بسنوات الفقر العجاف، عند "وِلد الحَطّابْ".

ومن عجائب ومعجزات الحكومة الرّشيدة، أن عُوِّمَ الدِّينَارْ، وبات من خفّة وزْنه ورشاقة قَدِّه - مُقارنة باليُورُو "السَّمِينْ" وكذلك بالدُّولاَرْ "الثّقيل" - لا يَسْتقِرُّ لهُ قَرَارْ… بلْ بات يُبَاهي أمام بقيّة العُمْلاتِ، "يحْمِصْهم" و"يْغَزِّلْهُم" بتكّبرٍ وانْتِصارْ، فيَتَرَنَّمُ بأُنْشُودَة حَسْنَاء الديارْ، الملكة "الفايْسبوكيِّة"، ذات الطلعة "السِّيليكُونِيّة": ومطلَعُها: "موتو… فتْفِتُو… أنا الملكة الخفيفة الرشيقة… أنا اسمي الدينار"… واشْرَأَبّتْ لسماع نَغَم الحسناء كلّ الأسْعَارْ، وكلّ ما يخْفيه سروالٌ وإزَارْ… وتغنّى الشعب، وهو يتَلذَّذُ: "نَارْ يَا حَبِيبِي نَارْ"…

وهنا ينتهي كلام الرحّالة "ابن المَقْعار"، في ذكر القرارات السَّنِيّة لحكومة التوافقات الوطنيّة، والأمر من قبل ومن بعد لرَبِّ البَرِيَّة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات