أتفهم أن يتخوّف مَن لا يعرف المنطقة ولا أهلها مِن تحركات شباب تطاوين وأتفهّم تساؤلاتهم حول شكل التحركات وحول بعض ما ظهر منها بل أن هذا طبيعي وهو من باب التحوط والخوف على مصير كل البلاد. وإذ أشكر كل من عبّر عن بعض تحفظاته المبدئية التي عبّر عنها سابقا في محطات مماثلة وإذ أشكر من بحث واستفسر وحاول الفهم فإني أشعر بالغضب والقيء أمام بعض التدوينات والتعليقات التي تقطر عنصرية وجهوية وحتى تعال طبقي وبعضها من طرف إمّعين متذيلين لغير طبقتهم Des larbins .
بعض هذه التدوينات والتعاليق إما تردد بشكل ببغائي إفتراءات لم تحاول التثبت منها أو تختلق إشاعات مغرضة تحاول أن تهيكلها بناء على بعض صور التحركات وتنطلق منها لتشيطن وتبني قصصا مخيفة وترجم شباب وأهل الجهة بأحط النعوت وبأخطر الاتهامات.
قد نتفق أو نختلف مع بعض أشكال تحركات شباب تطاوين لكن لا أحد يمكن له أن يشكك في مشروعيتها (حتى الحكومة قالت أنها تتفهم التحركات رغم أنها استهترت في التعامل معها). الذي لا يمكن أن يُقبل البتة والذي يأجج الغضب والذي لا يزيد الأمر إلا احتقانا وتعفنا هو رمي المنتفضين بالدعوشة والجهوية وحتى الانفصالية ورجم أهل الجهة بما ليس فيهم.
أهل تطاوين كانوا حماة الثغور وخط الدفاع الأول عن الوطن الواحد الموحد منذ وطأت أقدام أولهم تلك الرقعة التي عانت وتعاني من ظلم الجغرافيا وحيف التاريخ، واسألوا عن ثورة الودارنة في سنوات الإستعمار الأولى إن كنتم لا تعلمون.
أهل تطاوين كانوا ولا زالوا وسيظلون كذلك. أما عن الشباب المنتفض في قلب الصحراء فإن أول ما فعله هناك كان رفع الراية الوطنية والتنسيق مع قوات حرسنا وجيشنا الوطنيين. وحسب ما وصلني من اخبار، هم يعلمون حجم مخاطر الاندساس من أي نوع كان ويأخذون حيطتهم للتصدي لأي استغلال لتحركاتهم ولأي توجيه غير سلمي لنضالاتهم.
العنصريون المتأففون ممن لا يعتبرونه مثلهم أقلية والحمد لله ولهم مني شخصيا كل ما يليق بهم من الإحتقار والإزدراء. أما من يخاف على الوطن على خلفية ما يحدث في تطاوين، فعليه قبلا أن يجتهد ليتعرّف على خصائص الجهة وأن يتثبت أولا مما يدّعيه وأن لا يساهم في نشر الادعاءات المغرضة وأن لا ينفخ في نار الجهوية لأنه إن لم يفعل، فهو من يحاول أن يحرق الوطن.