ثقافة عدم المحاسبة .

Photo

هذا الراي ثقافي في خصوص ثقافة عدم المحاسبة .

« المصالحة مع الفاسدين» هي ثقافة حديثة من الحداثة ..تعني العمل على الافلات من العقاب ..وهي ايضا مثال ثقافي يحتذى ..اي ان القانون سيتحول الى ثقافة.واسعة الانتشار …هي ثقافة نشر الفساد وغرسها في الاذهان واعتبار الفساد امرا عاديا..ومن لا يتعامل بالفساد لن يحترمه احد . ..وسنرى اغلب التونسيين فاسدين..والقانون ينسحب عليهم..

ولذا لن اسامح ….لن احترم اي مواطن افلت من العقاب بهذا القانون الفاسد الذي سيصبح ثقافة وقيم ثقافية جديدة بمفهوم الجدة والتقدمية والحداثة وحقوق الانسان.

وها ان الرئاسة تدبرت امرها ليقوم عدد من صحفييها الخدم و العبيد بتحسين رؤية المجتمع الى الفاسدين وإقناع الناس بان عدم المحاسبة هي ثقافة تونسية لان هذه البلاد تعيش منذ ثلاثة ألاف سنة على ثقافة الفساد وبثقافة الاستبداد..

ولذا فان الاعلاميين والمثقفين الذين تعودوا على ثقافة الاستبداد لم يقبلوا بالثورة فقاوموها وحافظوا على حضارة عمرها ثلاثة ألاف سنة..لم يعرف فيها التونسي لحظة واحدة بلا هذه الثقافة الموبوءة…

وبالتالي لن احترم النواب الذين سيوافقون على تبني هذه القيم الحضارية التونسية الجديدة
..واحقاقا للحق فان ثقافة عدم المعاقبة هي ثقافة تونسية معاصرة وحديثة رسخها الحكام….بكل الطرق
..بورقيبة لم يعاقب الفاسدين المتعاونين مع فرنسا في بداية الاستقلال بل تعاون معهم وبعضهم اصبحوا في صدارة الاعلام والسياسة والإدارة والأمن…

اذ هو رجل حداثي جاء من فرنسا بثقافة احترام ثقافة حقوق الانسان المتعاون مع الفرنسيين..وبلغة واضحة اعتبار الخائن مواطنا عاديا له حقوق لا بد من احترامها…لكنه شن حربا لا هوادة فيها ضد المعارضين وعلى رأسهم اليوسفيين وزعيمهم وقتل منهم الكثيرين باسم ثقافة جديدة هي ان الخائن المتعاون مع فرنسا افضل من معارض…

وانتشرت من يومها ثقافة ان لا احد يعارض بورقيبة ولو كانوا مناضلين ورجال الساعات الاولى في مقاومة فرنسا…وأصبحت مساندة بورقيبة وتأييد بورقيبة ثقافة حقيقية ومعارضته جريمة سياسية وثقافية بل هي جريمة حق عام… ..واليوم نشهد هذه الثقافة فقد هب البورقيبيون كالرجل الواحد لمقاومة كل من يريد ان يقول كلمة حق لإعادة كتابة تاريخ تونس فهم مقتنعون بثقافة غرسها فيهم بورقيبة وهي ان هذه البلاد قد كتبت تاريخها بما اراد وكما اراد بورقيبة ومثقفوه ومؤرخوه….

وللعلم فان بورقيبة لم يعاقب كل الذين تسببوا في فساد البلاد اثناء التعاضد..ولم يحقق في الثروات الجديدة المنهوبة باستثناء الانتقام من احمد بن صالح رغم انه كان رجله الكبير وعضده الايمن …

ثم جاء بن علي بانقلاب على بورقيبة فلم يعاقب ايا كان من الفاسدين في عهد بورقيبة …..طبعا لأنه تبنى ثقافة عدم معاقبة الفاسدين…لكن مع ثقافة معاقبة المعارضين بكل انواعهم ..

نعم بن علي جعل من هذه الثقافة العملة الصعبة للعيش في هذه البلاد…ولا خائن إلا من عارض ثقافة الفساد الذي ارساها زعيمهم .

وهرب بن علي بسبب الثورة وإذا بالتجمعيين و النهضاويين يواصلون هذه الثقافة ويتوافقون على دعم بناء ثقافة مجتمع الثورة على اسس عمادها لا لمحاسبة احد.

والملاحظ ان اهل الثقافة منذ بداية الاستقلال هم الذين ساعدوا بقوة على غرس ثقافة الفساد وتاييدالفاسدين والجلوس اليهم واحترامهم والحذر من المعارضين.

انها ثقافة عميقة يتقنونها..والحاكم يجازيهم طبعا…. وبالطبع لن اسامح…

وبالطبع لن اساند هذا القانون المزمع اصداره وهو الذي يعيد ثقافة الفساد….والواضح انه سيمر لان التوافق قد حدث بين النداء والنهضة والمساندين على الجناحين…

فطوبى لك يا تونس حكامك ورجالهم من الاعلام والثقافة فهم يكتبون تاريخ الثورة بثقافة عميقة هي ثقافة الفساد ذات قيم متنوعة قيل لنا بأنها من عصر التنوير…وبعضهم يقول بأنها من عهد قرطاج وعليسة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات