ماراطون الامتحانات

Photo

يعيش المتعلّمون هذه الأيّام على وقائع ماراطون امتحانات يدوم 11 كلم-يوما- بالتمام و الكمال. هي فترة تقييمية، ربّما تكون الفريدة في عالم المنظومات التربوية. وبعد أن شهد سير الحياة المدرسية خبطا عشوائيا، و أحدث بلبلة عند المتعلّمين، وتحت ضغط المتعلّمين وقع " التخفيض القسري" في عدد الاختبارات،

نزلت المناشير المكذّبة لتصريحات إعلامية تفيد بالتخلّي النهائي عن الأسبوع المغلق ، ثمّ تتالت المذكّرات الّتي أخبرت عن تراجعات عديدة في مجالي الزمن المدرسي و النّظام التقييمي و إرجاع الأسبوع المغلق بحلّة مارطونية جديدة.

و أنت تتابع المتعلّمين، وهم يسيرون إلى المدرسة تطالعك على وجوههم علامات الوجوم أو اللامبالاة و في أسوأ الحالات الشّيطنة المقصود منها الإيذاء. هؤلاء المتعلّمون هم أوّل دفعة لشطحات إدارية لم تراع حقّهم في نظام تقييمي يراعي مصالحهم الشّخصية و الإنسانية و التعليمية. صحيح أنّ من قــنّــن تلك الفترة الزمنية ليست له الدّراية الكافية بعلم التقييم و لا بعلم التعليم؛ ولكنه أصاب من حيث فضح كل الأكاذيب بنظام مراقبة جديد و يخضع للضوابط العلمية.

لماذا فشل المقرّرون التربويون في تصميم نظام تقييمي وجيه و رشيد و عادل؟ هم فشلوا لآنّ الهمّ الذّي كان يسكن عقولهم هو القطع الحاد مع السّائد التربوي. هي مرحلة سياسية جديدة، ووجب أن يشعر المواطن بأن أمرا ما تغيّر؟ حتى و إن لم يحصلوا على التشريع القانوني اللازم. الشّاغل السّياسي جعلهم ينتفضون على نظام تقييمي له مساوؤه و له محاسنه. فأرادوا استئصاله. فأحدثوا بدعة أربكت المشهد التربوي. بإطالة فترة الامتحانات على غير العادة و العرف.

سينتهي مارطون الامتحانات عن قريب، و سيدخل المتعلّمون في عطلة هي الأطول كذلك في المنظومات التربوية العالمية. و يحلّ سبات الجهل مكان النّشاط التعليمي التعلمي. و تغلق المدارس أبوابها، فيسكنها الغبار، و ينسج العنكبوت بيته بكل راحة، و تجد الغربان زوايا لتنعق فيها. و تتحوّل المدرسة إلى مقبرة لا حياة فيها.

يبدو أنّ التقييم في المنظومة التربوية هو العجلة التي أراد لها مقرروا التربية أن تكون "حابسة" تكون فقط بهارا ذكيّا لتفويح رائحة تعليم فاحت رائحة حرائقه في عقول ناشئة لا تستوعب ما يعرض عليها من معارف معلّبة فاقدة لكل روح و حياة. و الحال أنّه عند إقرار نظام تقييمي ناجز فإنّ العورات التي يسترها التغافل و النسيان و الترهويج ستطفو و تصبح في مرمى سهام الولي الطّامع بالارتقاء الالي.

لا يمكن أن يكون التقييم بهذه الصّورة العدمية. و كلّ المنظومات التربوية التي قطعت لسان السّياسي الطامع بنتائج مفرحة يبهج بها الأسرة- عن التّدخّل في إدارة التربية بكافة مراحلها. ذلك السّياسي الّذي يردم بانتهازيته كل أمل في الوصول بأبناء الشّعب إلى عتبات من اكتساب المعرفة و التواصل بها و إنتاجها. و التقييم هو حجر الأساس في كل نظام تربوي يراد منه القطع مع ثلاثي التخلّف: الجهل و الفقر و اللصوصية.

هذه السّنة أبدع لنا المقرّرون نظاما خارقا- عند إجراء الامتحانات- لا علاقة له بعلم التقييم، فهل توجد النية للقيام بعمل تقييمي يهدف إلى تشخيص كيفية اتخاذ القرار التربوي؟ و الأكثر أهميّة: من هم الّذين اتخذوا هذه القرارات الارتجالية؟ ماهي كفاءتهم العلمية التعليمية التعلميّة؟

الثابت أنّ الخاسر الوحيد هو عقل متعلّم يتعرّض يوميا إلى سياط المراجعة و الانتظار و إنجاز الامتحان و المعاودة من جديد عى نفس طاحونة الشّيء المعتاد.

المدرسة ليست صديقة عندما تحترق فيها عقول براعم المتعلّمين.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات