وردت علي إرسالية قصيرة هذا نصها: Sauvons nos emplois, soutenons nos entreprises, consommons tunisien وهي كما هو واضح في إطار الحملة لاستهلاك البضائع التونسية التي يقوم بها المعهد الوطني للاستهلاك من أجل المحافظة على الوظائف ومساندة المؤسسات التونسية. الحملة جيدة في حد ذاتها.
إلا أن ما أثار انتباهي أن الإرسالية جاءت باللغة الفرنسية، بما يتناقض تماما مع روح الحملة، وإلا فكيف يدعو القائمون عليها إلى استهلاك المنتوج التونسي في حين هم لا يستعملون العربية التي هي -حسب نص الدستور- لغة التونسيين.
وهنا أنا على يقين من أن حملة مماثلة لو وقعت في العهد الاستعماري لاستعملت اللغة العربية حتى تصل إلى أغلب الناس، أما هؤلاء فلست متأكدا إن كانوا يشعرون بالازدواجية أم لا؟ وعلى كل حال، فأنا أستغرب حقيقة إن كانوا هم أنفسهم يستهلكون البضائع التونسية.
قد لا يكون هذا هو الجانب الأهم في الموضوع، لأن هناك عنصران أساسيان يتحكمان في سلوك المستهلك سواء كان تونسيا أم من بلاد أخرى، وهما الجودة والثمن. والمستهلك عادة لا يضحي بهما معا، فلا يشتري بضاعة رديئة بثمن مرتفع، وإنما السلوك العادي هو أن المستهلك إما أن يشتري بضاعة غير جيدة بثمن منخفض أو يشتري بضاعة جيدة بثمن مرتفع.
أما أن يشتري بضاعة رديئة بثمن مرتفع، فمثل هذا المستهلك لا وجود له إلا بين الحمقى والمعتوهين، وأن يكون المرء وطنيا لا يعني أن يكون منهم. وبالتالي كان على القائمين على الحملة أن يتوجهوا إلى المنتج التونسي عوض المستهلك التونسي فالمنتج هو الذي يملك مفتاح توجيه المستهلكين إلى بضاعته، إما بتحسينها أو بالضغط على سعرها، أو بهما معا.
أما أن يكتفي بدغدغة المشاعر الوطنية من خلال حملة "استهلك تونسي"، فهذا لا يدوم طويلا. حسنوا بضاعتكم سيشتريها التونسيون وغير التونسيين.