دولة فساد…

Photo

800 هكتار كانت ستذهب إلى العائلة، بالألف واللام، أي عائلة الرئيس، فقد ضغطوا من أجل الحصول على 800 هكتار في سجنان، كما أرادوا الحصول على صفقة على الحدود التونسية الليبية بدون المرور بلجنة الصفقات، ولكن حرمهم من ذلك رئيس الحكومة الحبيب الصيد، فكانت إقالته.

هذا الكلام ليس إشاعة ولا خبرا زائفا صادرا عمن في قلوبهم مرض، ولا هو مما يروّج في المقاهي همسا، وإنما صدح به النائب الجيلاني الهمامي تحت قبة مجلس نواب الشعب يوم 11 أفريل 2017. وسمعه من في المجلس يومئذ ومن أمام الشاشة يتابع أشغال المجلس، ومن يتصفح شبكات التواصل الاجتماعي.

ومر عليه اليوم ما يقرب من شهرين كاملين، ولكن لا أحد صدر منه ما يدل على أنه سمع به، لا الإعلام الذي طالما كان يرفع شعار حرية التعبير، ولا الأحزاب ولا السياسيون ولا المحللون الغيورون على الشفافية والحوكمة الرشيدة ومحاربة الفساد، ولا المتمتعون بشحنات زائدة من الوطنية، كلهم بين صُمّ بُكْم عُمْي.

رئاسة الجمهورية لم تتدخّل، لم تعلق، لم تكذّب، لم توضّح. وفي المقابل قاموا بما بإمكانهم أن يقوموا به. أي الضغط على القناة حتى لا تبثّ البرنامج الذي تمّ فيه الكشف عن هذه الفضيحة العائلية. وكفى اللهُ الرئاسةَ شرّ القتال.

في بلد يحترم نفسه مثل هذا الأمر أو حتى أقل منه يؤدي إلى فتح تحقيق وجلسة مساءلة برلمانية وإطاحة رؤوس، ولكن المجلس الذي من المفترض أنه صاحب السلطة، لم تتحرك له شعرة واحدة. ولم يحرك رئيسُهُ ساكنا، وأنّى له ذلك وقد رأيناه في الصورة خلال الحملة الانتخابية وهو منبسط الحال وإلى جانبه نجيب إسماعيل الذي أوقف مؤخرا بتهمة الفساد؟ كما لم يصلنا صدى عن ردود أفعال الكتل البرلمانية. وكأنهم جميعا أعطوا للعائلة الحق في اقتطاع 800 هكتار.

يوسف الشاهد الذي سمي على رأس الحكومة بعد تنحية المغضوب عليه الحبيب الصيد، لسنا ندري ما الذي فعله لفائدة من سموه؟ وكيف تصرف مع الطلب الذي لم يستجب له الحبيب الصيد من قبله؟ وهل يمكنه هو الآخر أن يضمن بقاءه في منصبه إن لم يتعلم الدرس من سلفه؟ وعلى أية حال فإن صمته بعد الكشف عن الفضيحة يسحب منه أية مصداقية ويجعل من حملته ضد الفساد مجرد حملة دعائية.

ماذا نسمي دولة تصمت مؤسساتها على الفساد؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات