الباكلوريا في قبلي.. والاختلال الجهوي

Photo

لا أخفي الأسباب الذاتية هنا، باعتباري أصيل هذه الولاية، ولكن أيضا من خلال الحالة المجهرية يمكن الوصول إلى نتائج عامة، وما يهم ولاية قبلي يمكن سحبه على الولايات الشبيهة مثل تطاوين وتوزر والقصرين وقفصة وسيدي بوزيد التي تتذيل باستمرار قائمة النجاح في الباكلوريا... في مقابل ولايات أخرى على رأسها صفاقس التي تحتل باستمرار المرتبة الأولى، وفي باكالوريا 2017 حققت نسبة تفوق 43%، تليها أريانة بفارق 6 نقاط تقريبا، بنسبة 37.39%، فالمهدية 36.54% ...

أما في ولاية قبلي فقد بلغت هذه النسبة 18.76% أي بفارق 25 نقطة بالمقارنة مع ولاية صفاقس. صحيح أن ولاية قبلي احتلت لأول مرة مرتبة دون العشرين على 24 ولاية، ولكن الصحيح أيضا أن نسبة النجاح فيها تراجعت بالمقارنة مع سنة 2016 بست نقاط كاملة حيث سجلت آنذاك 24.44%. ولا أعتقد أن هذا الضعف يعود فقط لعدم وجود معهد نموذجي بالولاية، كما لا تنقصها البنية التحتية ناهيك أن عدد المعاهد يبلغ 17 موزعة على كامل أرجاء الولاية وحتى في القرى الصغيرة.

كذلك فإن ضعف النتائج ليس وراثيا ولا تاريخيا، إذ قبل أن تجرى أول دورة للباكالوريا في قبلي عام 1981، كان التلاميذ من أصيليها يتفوقون في معاهد مدينة قابس في امتحانات الباكالوريا وفي غيرها من امتحانات ختم التعليم الثانوي. لقد درّست بقبلي في النصف الثاني من الثمانينات، وكنت أعتقد دائما أن الأعداد تعكس مستوى التلاميذ، نعم، ولكنها تعكس أيضا وبالتأكيد مستوى الأساتذة. ولا يزال هذا اعتقادي.

وحينئذ ماذا يعني ضعف نتائج الباكلوريا في الولاية إن لم يكن ذلك يعكس مستوى الأساتذة؟ والشماعة هنا لا يمكن أن تلقى على الوضع المادي، إذ أن هؤلاء الأساتذة يحصلون على جراية مماثلة لزملائهم بصفاقس، أو المهدية أو المنستير، مع الفارق الكبير بين نتائج هؤلاء وأولئك. فلا أحد منهم يمكنه التفصي من مسؤوليته حتى لو أراد، وحتى لو أصر كما يقع في مطلع كل سنة على تدريس سنوات السابعة.

في التفاصيل، هناك معهد واحد تفوق نسبة النجاح فيه النسبة التي تحققت في ولاية صفاقس، هو معهد العهد الجديد بدوز 47.33%، وهو ما يجعله في مرتبة متقدمة وطنيا، معنى ذلك أن النسبة المنحطة لمعدل الولاية ليست قدرا مقدورا، وكذلك فإن الأمر لا يتعلق بالتقاليد والعراقة، حيث تحتل إعدادية البليدات المرتبة الثانية في الولاية بنسبة 40%، بينما يحتل أقدم معهد في ولاية قبلي أي معهد ابن سينا بقبلي مرتبة متدنية ولم تتجاوز نسبة النجاح فيه 22 % فقط.

إزاء استمرار هذه النتائج المنحطة، إذا لم يتحرك الأساتذة، والمجتمع المدني وخاصة نقابات الأساتذة والقيمين وحتى عملة المعاهد، والإدارة الجهوية للتعليم، وحتى وزارة التربية والتعليم، فإن المسألة ستستمر إلى ما لا نهاية كما أنها مستمرة منذ عقود. وهذا ما يأسر مستقبل الولاية، ويحدد مصيرها، ذلك أن عدم التوازن الجهوي يكمن هنا بالضبط، ونتائج الباكالوريا هي التي تحدد مكانة الولاية خلال عقود كاملة. وولاية قبلي، كما ذكرت أعلاه ما هي إلا حالة يمكن تعميمها على الولاية الشبيهة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات