المنصف المرزوقي وحمادي الجبالي بين حقائق التاريخ وعبثية المشهد في تونس

Photo

أجد صعوبة كبيرة في فهم أسباب التراشق الاعلامي بين أنصار من كانوا بالأمس القريب يركبون نفس السفينة ويتبنون نفس المشروع القائم على تبني أهداف الثورة والدفاع عن ارادة الشعب وحقوق الناس.

وأجد صعوبة أكبر في فهم سهولة انقياد وانسياق البعض وراء التبريروالتشويه والتخوين غير مدركين لخطورة ما يفعلونه.

وطبعا وجد المتربصون وجيوش الاحتياط والعاملون على انفاذ أجندات معروفة الفرصة مواتية لتضخيم الخلاف بين الدكتور المنصف المرزوقي والمهندس حمادي الجبالي وضرب الجميع والتشكيك في الاشخاص وما يحملونه من قناعات وما يطرحونه من بدائل في وضع تغلب عليه الرداءة والفساد وغياب الأخلاق السياسية.

من الصعب على أحد شهود المرحلة أن يتجاهل حملات تشن من حين إلى آخر للنيل من رجال خدموا مرحلة من أصعب مراحل الانتقال الديمقراطي ويتم تقديمها اليوم كاحد النماذج الناجحة في العالم ولهذا طالبت مرارا بضرورة تجنب التقييم الأحادي والاكتفاء خلال مرحلة البناء بما حصل من مكاسب يشهد عليها الجميع.

ثم لمصلحة من تثار الآن قضايا خلافية بين بعض مكونات الترويكا؟

ان دقّة وحساسية المرحلة السياسية التي تمر بها تونس، لجهة التراجعات التي تشهدها ثورات الربيع العربي إقليميا تفرض على أنصار الثورة التعالي فوق الصغائر والتوجه نحو المستقبل حفاظا على روح وأهداف الثورة، وعلى رأسها الانتقال الديمقراطي.

سيكتب التاريخ أن الدكتور المنصف المرزوقي هو أول رئيس في العالم العربي يأتي إلى سدة الحكم ديمقراطيا ويسلم السلطة ديمقراطيا إلى المعارض المنافس بعد انتهاء مدة ولايته بل ويتصل بمنافسه لتهنئته بفوزه رغم الخروقات المتعددة التي شابت الانتخابات وذلك حرصا منه على المسار الديمقراطي والسلم الاجتماعي.

ويشهد التاريخ أيضا أن المهندس حمادي الجبالي استقال من منصبه كرئيس لأول حكومة منتخبة في تاريخ تونس لما تبين له عدم قدرته على مواصلة أداء مهامه بنجاح و بعد رفض الأحزاب الحاكمة حينها مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط وقدم الجبالي لاحقا استقالته من منصب الأمين العام للحزب الحاكم وأعلن انسحابه من الحركة التي كان أحد مؤسسيها ليتفرغ للدفاع عن الحريات في ظل مخاوف من عودة الاستبداد كما أعلن حينها.

كنا نبهنا مرارا الى مخططات معروفة ومكشوفة بزرع الفتن والشقاق في غياب الأخلاق و محاولات جر قيادات الترويكا الى مستنقع التجاذبات وهي مصيدة للجميع والمستفيد منها قوى الثورة المضادة ويعمل عليها كثيرون ومنهم من زرع مبكرا في الجسم الذي ادار المرحلة الأصعب من تاريخ البلاد خلال السنوات الماضية.

نجدد الـتأكيد على ان تصاعد حدة التجاذبات بين قادة مكونات”الترويكا” لا يخدم إلا المسار المناوئ للثورة، ولذلك أعتقد أنه من الضرورة بما كان أن يتم التركيز على البدائل المطروحة من أجل عرضها على الشعب خلال المحطات الانتخابية المقبلة، وهناك مصلحة مشتركة للاتفاق على برامج وأهداف يتم العمل عليها وايجاد اليات ديمقراطية تجعل القوى الوطنية والديمقراطية متحدة من أجل الدفاع عن الثوابت و استحقاقات الثورة وتحقيق العدالة.

وباعتقادي هناك حاجة إلى ترك التقييم المحايد والذي لم يحصل الى حد الآن الى المختصين والخبراء الذي سيعكفون بلا شك على دراسة وتقييم مراحل الفترات الانتقالية الثلاثة وكذلك المحطات الانتخابات والاعتماد على الأرشيف والشهادات لكتابة التاريخ الحقيقي الذي يشهد على المرحلة ورجالها ولإعطاء كل ذي حق حقه وحتى نبني المستقبل على الثوابت والحقائق لا الشعارات والتخمينات والتبريرات.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات