نعم حين قرأت تدوينة الأستاذ نور الدين أصابني الذهول ... لأنني أعرف نور الدين العلوي الإنسان وأعرف جيّدا علاقته بأولاد الحفيانة وانخراطه غير المشروط في التعبير عن مآسيهم وآلامهم .... نعم وجعني كلام نور الدين ليس لأنه قاله في كافون (شكون كافون) بل لأنّ أمثال كافون من أولاد الحفيانة مئات تُقطع أطرافهم يوميا إثر حادث عمل أو حادث مرور أو مرض عضال ... كافون فنّان الراب لا أعرفه لكن نور الدين أعرفه حقّ المعرفة وأمثاله لا يشمتون ولا يتشفّون …
لا فرق بين كافون وحمّادي وسعاد بطلا رواية جحر الضبّ ... نعم نور الدين كتب كما لا يكتب أحد على معاناة حمّادي ذاك الشاب الذي طحنته ماكينة البطالة والتهميش وبُتر )ليس رجله) بل عضوه التناسلي في حادث تسبّب فيه أحد المثليين... ربما وجه الشبه بين كافون وحمّادي أن كلاهما دُفع نحو الإنحراف وكان مصيره "البتر"... في كلّ كلمة وكلّ جملة كتبها نور الدين العلوي تشعر بالوجع والألم الذي خطّ به فصول روايته... وجع ولد الحفيانة الذي عاش التهميش و"الحقرة" لكنه قاوم "السيستام" ولم يستسلم لتُجّار الأعضاء... وأصبح أستاذا جامعيا وروائيا يطرز الكلام بالمَخْيط الحامي…
وجعني كلام نور الدين لأنني ظننت أنه خدعني لمّا بكى مع حمّادي فبكينا معه....
وجعني كلام نور الدين لأنني في لحظة حسيت انّه ضربني على وجهي بذاك الدعاء الذي ظاهره الاّإنسان وباطنه الإنسان في أسمى تجلّياته .... نعم الإنسان ليس واحداً والخطأ والصواب إحدى سمات الإنسان السوي…
نور الدين تألّم وعبّر عن ألمه بتلك القسوة .... لعلّ نور الدين تذكّر حمّادي )الرمز) بطل روايته وتذكّر جحر الضب و"السيستام" الطالع هابط كالمنشار يبتر أعضاء أولاد الحفيانة....
هي قسوة الروائي ونقمته على أولاد الحفيانة الذين سمحوا "للسيستام" باستغلال أرواحهم وانتهاك حرمة أجسادهم .... وبتر أطرافهم...
الجماعة إلّي ينتظروا في زلّة لنور الدين العلوي لينتقموا منه لأنه هرّاهم وعرّاهم ... صحيح نور الدين زلّ في لحظة اختلط فيها وجع الروائي بألم ولد الحفيانة ... لكن زلاّتكم مبنية ومؤسّسة ومسنودة ومدعومة... أنتم من صفّق لتجمّر جسد محمد البوعزيزي وأنتم من كان شاهد زور على جرائم بن علي وأنتم من شرّح بالمشرط الحافي أجساد أولاد الحفيانة....
ولهذا قفوا واعتدلوا ليرحمكم التاريخ .....