يستعد البرلمان في بحر هذا الاسبوع لتمرير قانون اثم ولئيم ,une loi scélérate,ستكون نتائجه كارثية على مستقبل بلادنا ,ألا وهو ما يسمى بقانون المصالحة الادارية,أي العفوعلى الفاسدين في الادارة بدعوى أنهم لم يرتكبوا ذنبا ولم يقوموا إلا ب ..."تطبيق التعليمات "....!!!!!!
وفي هذا الاطار أود التعرض الى موقف القانون الدولي من المسألة,
بعيد الحرب العالمية الثانية,أحدثت محكمة نورمبرغ لمحاكمة مجرمي الحرب النازيين الذين ارتكبوا مجازر مروعة, خاصة بشرق اوروبا وتحديدا بروسيا,وعند استنطاق المتهمين كان الرد جماعيا,لم نفعل شيئا من تلقاء أنفسنا بل كنا ...."نطبق التعليمات "…
رفضت المحكمة ,بعد إستشارة أشهر المرجعيات القانونية في تلك الفترة ,الاخذ بعين الاعتبار بهذا الدفع , وأكدت أن التحجج ب "تطبيق التعليمات" في ارتكاب أمور مخالفة للقانون الانساني ,ولجميع القوانين والشرائع الانسانية ,لا يعفي المرء من تحمل مسؤوليته ,وتم الحكم عليهم بالإعدام ,وبالسجن لفترات طويلة....
الامثلة عديدة وعديدة في هذا الصدد ,إذ أكدت العدالة الدولية هذا المبدأ عدة مرات,و رفضت التعلل ب "تطبيق الاوامر" للتفصي من المسؤولية ,في محكمة لاهاي بخصوص المأساة الرواندية ,ومحكمة لاهاي بخصوص مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك ....
لنلخص إذا ,المبدأ الخطير اللااخلاقي والجبان هذا ..."تطبيق الاوامر" مرفوض على مستوى القانون الدولي ,وكلنا نعلم انه أكثر علوية من القوانين الوطنية ,التي يجب ان تكون منسجمة معه ...والدول التي لا تقبل بهذا المبدأ تنعت بالدول المارقة ...أي خارج الشرعية الدولية …
محاولة تمرير قانون "المصالحة الادارية ",علاوة على أنه غير قانوني وغير منسجم مع القانون الدولي,فهو قانون خطير جدا,لأنه سيدمر العمود الفقري للدولة التونسية أي الادارة ...إذ سيشرعن الفساد ,وسيعد ترخيصا مقنعا للرشوة ,للتزوير ,وللنهب ولكل التجاوزات...تحت ذريعة.. "تطبيق الاوامر"....
الادعاء بأن المعني بالأمر لم يحصل على منفعة مباشرة جراء مخالفته للقانون ضحك على الذقون ..لا يستحق الرد لسخافته…
القانون المقترح ,خيط على مقاس بعض الفاسدين دمروا الادارة التونسية ,واستمعنا بالأمس بهيئة الحقيقة والكرامة الى عدة نماذج من "فلسفة " الحكم هاته,وهو إن مر سيكون من فئة تلك القوانين الاثمة les lois scélérates ,التي تعد لاغية بطبيعتها..وشعبنا سيسقطها أجلا ام عاجلا .....
لا لتدميرالادارة التونسية.....لا لتدمير الدولة ....