ثلاث وسائل إعلام تسألني و تلحّ في الجواب ،
• عن مستقبل التّوافق بعد أزمة التّصويت على أعضاء هيئة الانتخابات ؟ لا
• عن مصير الانتخابات البلديّة بعد التلكّؤ في سدّ الشّغور ؟ لا
• عن مستقبل الاقتصاد التّونسي في ظلّ التداين لدفع رواتب الموظّفين ؟ لا
• عن حقيقة التعديل الحكومي المرتقب ؟ لا
• عن قانون المصالحة و حملة مانيش مسامح ؟ لا
• عن مستقبل العدالة الانتقاليّة في ظلّ التضييق على الهيئة ؟ لا
• عن الأزمة الخليجيّة و تبعاتها على تونس ؟ لا
• عن تحرير الأقصى من بوابات الاحتلال ؟ لا
• عن الثّقافة و المهرجانات الصيفيّة ؟ لا
• عن حرارة الطّقس و انقطاع الماء في أرياف تونس و دواخلها ؟ لا
لم يتعلّق السّؤال بأيّ مسألة حارقة أو راهنة يفترض أن يسأَل عنها أمثالي.
بل تعلّق أكرمكم الله بربطة عنق السيّد راشد الغنّوشي، بين قائل - حسب الإعلاميين السّائلين و الملحّين في الجواب - بأنّها تمهيد للترشّح للانتخابات الرّئاسيّة، و قائل ليكيد الرّئيس السّابق عدوّ الكرافات الذي أغلظ في انتقاد النهضة شريكه في تجربة الائتلاف الثلاثي، و قائل آخر تنفيذا لتوجيهات المتخصّصين في الايتيكات و مقتضيات البودي لنقويدج، و قائل آخر لتجسيد الانتقال من تيّار الإسلام السياسي إلى تيّار الإسلام الديمقراطي ،
كلّ هذه المقاربات التّأويليّة و القراءات الهرمينوطيقيّة في لغة جسد الغنّوشي يضعها الإعلامي السّائل بين يديك لترجّح أحدها وسط استغرابك كيف تحتلّ كرافات الرّجل كلّ هذا الحيّز من الاهتمام ،
تتملّص من الجواب معتبرا الأمر سلوكا شخصيّا لا علاقة له بالشّأن العامّ ، فيباغتك السّؤال لماذا في هذا الوقت بالذّات ؟ لماذا في ذلك الاحتفال بالتّحديد " احتفال سفارة المغرب بعيد العرش " ؟
أنت لا تدري على وجه التحديد لماذا خطر على بال رئيس النهضة فجأة " الآن و هنا " أن يرتدي ربطة عنق زرقاء اللون !!!؟؟؟
و لكن خيالك الذّاتيّ و تجربتك الشخصيّة توحي إليك أنّ زوجتك أو ابنتك قد تختار لك القميص الذي سترتديه و ربطة العنق المناسبة ، و قد تلحّ عليك بدلال في ارتدائه خاصّة إذا كان هديّة من إحداهما ، أو ربّما تطلب منك تغيير اللوك فتستجيب مجاملة أو اقتناعا ، الكثير من الرّجال رغم شدّتهم يتّسمون بالهشاشة أمام مشاعر زوجاتهم و بناتهم .
هكذا فكّرت بصوت مرتفع مع من سألوني و ألحّوا في الجواب ،
لكن جوابي الافتراضي فتح الباب على أسئلة أخرى خطيرة من قبيل : هل تتوقّع أنّ لزوجة الغنوشي أو بناته تأثير على قرارته الشخصيّة ؟؟؟!!!
لم أتمالك نفسي من الضّحك و إنهاء المكالمة…