في سنة 2012 ارسلت دعوة صداقة على الفايس بوك الى أحد زملاء الدراسة ايام الثانوية. وفي الحقيقة لم أكن أعرف ميولاته السياسية وتبين أنه من المتعاطفين او أنصار النضام السابق. وقلت في نفسي ان هذا لا يفسد للود قضية ويجب الفصل بين ميولات الشخص السياسية وعلاقة الزمالة خاصة وقد كانت لنا ذكريات حلوة مشتركة.
وكان صديقي يلومني على وقوفي مع الثورة وأهدافها وفي احدى المحورات قال متأففا "الزّح الواحد ولا كرّاي في هالبلاد، رانا كنا ملّاكة." في ذلك الوقت لم أبالي لكلامه أو أبحث في مغزاه، الى ان سمعت رئيسنا التسعيني الحالي في حملاته الإنتخابية يزمجر في انصاره قائلا لهم "لا تخجلوا فأنتم ملّاكة موش كرّاية."
عندها تذكرت زميل الدراسة وتساءلت:" هل كانت هذه عقليتهم منذ 1956؟" " أيعاملون أبناء شعبهم على أساس مؤجرين عندهم وبإمكانهم رميهم خارج البلاد متى شاؤوا؟" ثم اتت تصريحات الدم الأحمر والدم الأسود والتحاف رفيقات سيدة العقربي مدعيات الحداثة بالعلم المفدى وكأن من لا يلتحف العلم مثلهن فاقد للوطنية وهو يعيش في هذه البلاد على وجه الكراء.
وتمر الايام ويسترجع الملاك "بلادهم" بالتعاون مع موتاهم الذين خرجوا من القبور للإدلاء بأصواتهم ومنظومتهم القديمة التي لم تتوانى تزييف ارادة الأحياء. ثم تعود حليمة إلى عادتها القديمة من استفراد بالرأي وتخوين للمختلفين فكريا وسياسيا.
وها ان مستشارة في القصر الرئاسي تخوّن كل من يعارض مبادرات ساكن القصر وتنعته بالدوعشة وتطلب منه مغادرة البلاد. لقد فاقت هتلر وموسولني في الفاشية وذكرتني بالمكارثية في امريكا في الخمسينات ومبدأ بوش الأول" من ليس معنا، فهو ضدنا" ولا مجال للحياد.
أقول لهذه المستشارة ان الشعب التونسي أقدم من مملوك سرديني أتى به القراصنة الأتراك. وهو متجذر في هويته ومتمسك بدينه السمح. ولن تؤثر فيه محاولاتكم لتشويهه منذ 1956.