الكفكائية في زمن السيد الرئيس…

Photo

أنا متحزب وفي موقع قيادي في الحزب الذي ساهمت في تأسيسه واليوم، بعد نشر المكتب السياسي لحزبي لبيان يتعرض فيه لبعض المواضيع في بلادنا ومنها مبادرة السيد الرئيس (موقف التيار في هذا الموضوع يمثلني تماماً) أريد أن أذكر بما يلي :

في مجتمع ديمقراطي، كل المواضيع قابلة للطرح وللجدال في أي وقت وتحت أي ظرف. شخصيا، أنا مع مناقشة المجتمع لأي موضوع دون تابوهات مع محاذير ثلاثة :

1- أن لا يكون الغرض من النقاش تعويم وتغميد مواضيع حيوية أكثر أهمية للمجتمع وأخطر ارتدادا على حياة المواطن أو التعمية والطمس والتزميل لمآخذات على من طرح النقاش فقط للهروب من تحمل مسؤولية أدائه.

2- أن لا يكون الغرض من طرح الموضوع مجرّد "هيصة" اتصالية وإبهار إعلامي لحسابات انتخابية ضيقة تحاول استمالة مجموعة من الناخبين للتحيل عليهم ومغالطتهم دون الغوص في عمق الموضوع والتعرض لكل مضامينه وعنواينه ومحاذيره والانتهاء بالحسم الجدّي والفعّال فيه.

3- أن لا يكون طرح الموضوع بغاياته الانتخابية الجلية مستهترا بالأمن القومي.

كيف يمكن أن نكون من مناصري الحداثة إذا كانت بعض ممارساتنا تناقضها ؟ كيف يمكن أن ندعي الحداثة إذا كنا ماضويين في جل أطروحاتنا ؟ كيف يمكن أن ننتصر للحداثة وكيف يمكن أن نساهم في تحقيقها في جوانبها المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وبالحريات دون أن يُعرَفَ عنّا إيمان متجذر بالديمقراطية ؟ الحداثة غير المدغمة في الديمقراطية ما هي إلا هولوغرام للحداثة يُبهر ولا يُنجز، يُعرقل ولا يُقنع، يصدّ ولا يستميل، يُغالط ولا يُطوّر، يتحيّل ولا يُنتج.

كيف يمكن ان نكون حداثيين ولا نجعل من التصدي لتعذيب الذات الانسانية أهم معاركنا ؟ فمن أهم مقومات الحداثة، السمو بالإنسان إلى أرقى المراتب. كيف يمكن أن نكون حداثيين ولم ننتصر يوما للحريات حتى لما لم يعد للانتصار لها أي ضريبة ؟ فالانتصار للحريات وحقوق الانسان في قلب مضمون الحداثة. كيف يمكن ان نكون حداثيين ونقترح في نفس الوقت مشاريع قوانين يمكن أن تشرّع للفساد ؟

فالدولة الحديثة من أهم تمظهرات الحداثة وهاته الدولة لا يمكن إلا أن تكون أكبر محارب للفساد. كيف يمكن أن ندّعي الحداثة ونحن نقف عند حدود الإيمان بالزعيم "وبالإنسان الرّمز" ؟ فالحداثة انتقال من "تأليه" الزّعيم إلى الإيمان العميق بالمُثُل التي انتصر لها الزعيم. كيف يمكن أن ندعي الحداثة والدفاع عن المرأة ونحن نقول بملء الصوت "ماهي إلا مرا" ؟ الانفلاتات والحديث خارج رقابة الكاميرا تفرز دائماً بين المؤمن بالفكرة وبين المتاجر بها.

التاريخ متحرّك وقد يتغيّر الإنسان ولو كان في التسعينات من عمره. قد يتغيّر الانسان، غير أن رجع الصدى الخاوي "لحُوماني" ذات خريف يصفع تخريفي وتذكّر استغراب وتعجّب شارل ديغول ممن اتهموه بالتغيّر في سن السابعة والستين يعيدني إلى الجادة… تفسير أي طرح خارج سياقه، تفسير مخطئ بالضرورة !

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات