أظن أن من المباحث النظرية التي لم يتجرأ أحد على الاشتغال بها في الفكر السياسي التونسي الراهن هي ،،كيفية تشكل القوة،، في المشهد السياسي الراهن..
لا أحد يمكن أن يزعم أن ،،القوة،، تكتسب اليوم في الفعل السياسي من امتلاك اجهزة العنف المادي فلسنا في الحقيقة في واقع قمع تقليدي..
و لكن لا أحد أيضا يمكن أن يزعم أن مصادر ،،القوة،، هي ،،شرعية الحق،، أي ،،الديمقراطية الناجزة،، التي يكون فيها الصندوق بمعاييره المعاصرة هو مصدر ،،القوة،، ..
كما لا تبدو ،،القوة،، نابعة اليوم من الشرعية ،،الرمزية،، ممثلة في المشاريع المعبئة و الزعامة الاخلاقية المستندة الى سيرة شرعية في علاقة بالدين او الحداثة الديمقراطية او الثورة..
هل يتعلق بقوة ،،العدد،، بمعنى حجم الانغراس الجماهيري...لا يبدو الأمر دقيقا اذ لا يبدو انخراط الناس في التوزع على مناصرة السياسيين كبيرا و لا ثابتا بل ان كثيرا من ،،حائزي القوة،، من الفاعلين لا يبدو انهم يتمتعون بالتفاف ،،عددي،، حولهم..
يتحدث التحليل السائد على ربط ،،القوة،، في المشهد التونسي بالقدرة على توظيف مصادرها التي يردها البعض الى حيازة شبكات القرار و التنفيذ في الادارة و اجهزة الدولة التي اصبحت ،،طبقة،، او مصدرا للقوة (بيروقراطية الدولة بماهي طبقة اجتماعية ..انظر بولينتزاس كيف تخلق الدولة طبقتها في مراجعة لماركس الذي يؤكد ان الدولة نتاج طبقة.)
و يشير آخرون الى ان تملك ،،القوة،، يرتبط بالفوز برضى اللوبيات المالية التي تملك القدرة على تشكيل الراي بالاعلام و شراء مصادر القوة المذكورة في النقطة السابقة.
كما تبدو مصادر ،،القوة،، مرتبطة بالقدرة على الفوز بدعم دولي في ظل صراع النفوذ على منطقتنا .
تحديد مصادر و طبيعة ،،القوة،، عنصر رئيسي في مباحث الفكر السياسي المعنية برسم استراتيجيات الفعل و تقديري ان اطرافا سياسية تفهم و تستفيد من هذا التحديد و لكن كثيرا منها ايضا لا تفعل ذلك او تفعله بدون رؤية استشرافية تحصن الاستفادة البراغماتية من مصادر القوة دون تورط في تقلبات الموازين.