المصالحة و الاصلاح كما بينتُ (في مقالات سابقة قبل 14 و بعده )هي المطلب الأغلبي للمعارضة التونسية منذ الستينات وصولا الى حركة 18 أكتوبر.
و قد كتبتُ مُطولا في التأكيد على أن "مقولة الثورة" موقف أقلي تبنيناه في شبابنا ضمن أنشطة حلقية و واصلت تبنية أقليات سياسية غير معلومة الحضور في الساحة العلنية و ان كانت معلومة للنظام و المخابرات .
كتبنا في تجذير مقولات الاصلاح و المصالحة قبل 14جانفي حتى تكون فعلا متمايزة عن مقولات التزييف الذي اشتغل عليه بن علي مع معارضته الكارطونية و كانت مطالب حركة 18 اكتوبر و ائتلاف المواطنة و المساواة أهم الصياغات الجذرية لمقولات الاصلاح و المصالحة .
بعد هروب رأس منظومة التسلط و الفساد و تصدعها كتبنا في ضرورات توسيع مقولتي الاصلاح و المصالحة لتكون تفكيكا هادئا لمنظومة التسلط بعيدا عن مقولات "الاستئصال الجذري" و لكن أيضا بعيدا عن محدودية سقوف الاصلاح و المصالحة اثناء حكم المنظومة برأسها النوفمبري و ذلك توسيع شرعي بحكم دخول "الحشود الشعبية" على الخط و تغير ميزان القوى بعد هروب المخلوع .
كانت مقولة التاسيس التي أقرتها القصبة الثانية ذهابا بمقولة الاصلاح الى أقصاها الجذري و لكن مجريات الصراع بعد تشكيل هيئة بن عاشور ثم تكون جبهة الانقاذ اثر مؤامرة الارهاب و اسقاط منظومة اكتوبر 2011 بدأت تفرغ مقولة الاصلاح من جذريتها لتتحول الى التفاف ناعم على مخرجات 2011 .
نقدنا لمخرجات 2014 و نتائجها الحالية ليس استعادة لثورجية عمياء كما يتوهم البعض من خلال الخطاب الطهوري المتشنج لأدعياء "الثورة" و كما يريد اثبات ذلك المتحيلون القدامى الذين يستغلون ثرثرة الثورجيين ليظهروا بلبوس الاصلاحيين العقلاء .
نقد مخرجات "الانتقال المزيف" هو تمسك برؤيتنا للاصلاح الجذري العميق و التسويات الحقيقية على قاعدة التوازن بين القديم و الجديد و ليس على قاعدة جرجرة الجديد الى مربعات فشل القديم الذي استنفذ أغراضه و يذهب بنا الآن مرة اخرى الى وضعية الانسداد السياسي لأنه فعلا لم يتجدد لا في كوادره و لا في رؤيته .
نقدنا للثرثرة الثورجية لبعض المزيفين هو أيضا على قاعدة التمسك بمقولات الاصلاح الجذري الذي غدروا به عند تحالفهم مع القديم في جبهة الارز بالفاكهة الخليجية الرديئة المضادة للثورات .
اصلاحيون دائما نحن لا من هؤلاء و لا من هؤلاء ..ناقشونا معلومة و تحليلا ..محفل الصراع المزيف للمعاني لا يعنينا.