يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي..

Photo

لولا أنكم وقفتم معهم ذات اعتصام صيفي في باردو، واتفقتم معهم في بيوت مغلقة، وآكلتموهم بين خيامه ووضعتم أيديكم في أيديهم، لصدقناكم الآن فيما تقولون. وإذ واعدتموهم في جبهة الإنقاذ التي لم ننسها، وراهنتم عليهم وحميتموهم وطمأنتموهم حتى يعودوا سالمين، وها قد تحققت وعودكم، ومع ذلك ربما كنا نصدقكم في تنبيهكم إلى ما يشكلونه اليوم من خطر، فقط لو قدمتم نقدكم الذاتي.

ولو قدمتم اعتذاراتكم على ما فعلتموه بالثورة، مهما كان محرككم في ذلك سواء كان الغباء أو الحقد أو حتى قبض المال، ربما قبلناها حتى وإن كانت متأخرة أو لا فائدة منها لإصلاح ما فسد. ومع ذلك لم تعتذروا للشعب الذي تدّعون الدفاع عنه، ولا لأتباعكم أو ناخبيكم، فكيف نصدقكم، وأنتم غير صادقين؟

لولا أنكم أعطيتموهم أصواتكم، سواء بحسابات "الفوت أوتيل"، أو تحت عنوان "قطع الطرقات"، مقابل وعود وعدوكم إياها ربما، بتحقيق برامجكم ومخططاتكم، لولا كل ذلك لما وصلنا إلى الوضعية التي نعيشها اليوم، حيث يستأسد الفاسدون ويتفشى الفساد. وإذ تشاهدون المشهد الذي ساهمتم في صنعه، ومع ذلك لم نسمع منكم ما يفيد بأنكم ندمتم على ما فعلتم أو أنكم تعترفون بما فعلتم أو لم تعطوا برهانا واحدا على صدقكم، فكيف تنتظرون منا أن نصدقكم؟

لسنا على قدر من الغباء الذي يجعلنا نصدقكم، أو نصدق تنديدكم "بالأغلبية البرلمانية الرجعية" التي صادقت على قانون "المصالحة الإدارية". وماذا بقي من الثورة التي ساهمتم في ذبحها حتى نصدقكم عندما تعلنون الالتزام "بشعارات الثورة وأهدافها"؟

دعنا مما سيكتبه التاريخ عن أدواركم، كيف نصدقكم وأنتم مازلتم تغالطون الناس؟ من تراه يصدق قولكم عندما تحيون "نواب الجبهة الشعبية في البرلمان الذين أكدوا مرة أخرى وقوفهم المبدئي والثابت ضد الفساد… والتزامهم الوفي بشعارات الثورة وأهدافها"؟ ونحن نعرف أن عدد هؤلاء النواب يبلغ 15، في حين أنهم جميعا بما في ذلك من حضر الجلسة العامة منهم وعددهم 7 لم يصوت منهم أحد ضد "قانون المصالحة الإدارية" وأما الثمانية الباقون فقد تغيبوا عن الجلسة، وكفاهم الله شر القتال، وحينئذ لسنا ندري من هم النواب الذين من يتوجه البيان إليهم بالتحية على "التزامهم بشعارات الثورة وأهدافها"؟

ألا يساوي ذلك الأكل مع الذئب والبكاء مع الراعي، وأن نسبة الأَكَلَة هنا يتجاوز نسبة البكائين مع الراعي. أم تراكم تراهنون على أننا نصدقكم دون أن نتبين حقيقة المواقف؟ أنتم لا تختلفون عن أحزاب "الأغلبية اليمينية" شبرا واحدا. جميعكم يصدق فيكم قوله: من تحزّب خان. وهل خيانة أعظم من خيانة الثورة؟ وأنتم أول من خانها.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات