يحتفلون.. هم يحتفلون

Photo

لعلّ المشهد الأكثر بشاعة أن ترى صاحب الكناسة السيّاسية يرتحل إلى أماكن بعيدة كي يفتتح السّنة الدّراسية مع أطفال البراري. هؤلاء القوم الّذين لا يرون جحافل السّيارات الفاخرة إلا مرّتين. مرّة عند الانتخابات و مرة عند مستهلّ السّنة الدّراسية.

هذا الحرص على الاحتفال الساسوكي" -نسبة إلى سلسلة كرتونية- يذكّر دائما بأنّ الفقير يبقى فقيرا في المال و المعرفة. و لا منقذ له ولا مبشر له إلا ذلك الأفّاق الّذي يجوب الافاق بحثا عن غبار لم يعد يشمه. و رذاذ كلام يصبّه في منخري محتاج لم يعد له من رابط بهذه الحياة غير عصا موسى يهش بها على غنم عجفاء.

ذلك الفقير الدرويش المصدّق لربطة عنق انتزعها-صاحبنا- بعد ضحكة صفراء في أوّل منعرج حجب عنه أولائك الرّهج الكافر بنعم سيّدهم. أبناء الفقراء لا حاجة لهم بالمعرفة يكفي أنهم يتنفسون بالمجّان.

زيارات استحمارية تجعل كلاب النباح الإعلامية تنهش لحم فقير طال انتظاره. ألا يكفيهم طلّة المكشوف عنه الحجب.؟ نعم يبقى الفقير في هذا البلد ينتظر كسرة خبز يلقيها إليه عبد خادم له فيصبح مستأسدا عليه. و يحرمه الحقّ في تعلّم يغنيه عن الحاجة.

يذهب ذلك السياسي وفي باله أن يحتج عليه النّأس، فيعمل على ترويضهم كحمير تحتاج الدوران في سرك "عمّار". يقول لهم ما لا يمكنه ان يفعله. فالتربية أضحت سرابا سرقت حروفها بله مالها. فكيف له أن يطعمهم معرفة و يغنيهم سؤالا.

التربية هي كنز علي بابا و المنفلتة ضمائرهم سرقة و فسادا. فهل يعقل أن يقع افتتاح سنة دراسية و المتعلّمون لا يعرفون متى سيمتحنون؟ هل لجان و لجان فاصل لجان مع عديد اللجان يصيبهم البكم و الصّم فلا يخرجون منشورا يضبط مواعيد الامتحانات؟

سيّدي المسؤول يعرف انّ أولائك الدرّوايش لا يعرفون من واجهات التربية إلا السياسي و المدرّس. فإن صلح التعليم فذلك بفضل عفاريت السياسي. و إن فسد فذلك لأن المدرّس غاب عنه الضمير و أكلته مجاعة المال.

لن يصلح التعليم بشطحات استعراضية غايتها تنمية الرّصيد الفولكلوي. لن يصلح التعليم ما لم يقع اعتبار التربية قاعدة البناء الاجتماعي. لن يصلح التعليم و "الوجاهات" تريد للفقير أن يبقى حبيس الجهل و العنف.

كل سنة دراسية و أبواب المدرسة مفتوحة على مجهول التعصّب و غياب الإنسان. ذلك مشروع لن يجد النور في بلد كبراؤه يريدون البقاء في نعم معدة الفقير. و يدشّنون السّجون الفاخرة بدلا عن المدراس العاثرة. مشروع تجهيل الفرد و تسويته بالدّابة الشّقراء ناجح ناجح ناجح. فواصلوا رقصكم فالأسمر لن يتحوّل إلى غضب.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات