لم يُزعجني كلام لطفي زيتون عن قانون الميراث... بالعكس أنا من الناس إلّي يحبّذوا بقاء النصّ "حيّ" يتنفّس ويتكيّف مع جميع البيئات ويتوائم مع جميع الثقافات. كلّ معرفة لها سياقات تتحرّك بداخلها والمدوّنة الفقهية معرفة إنسانية تشكّلت داخل واقع سياسي واجتماعي وثقافي مخصوص فأثّرت فيه وتأثّرت به وتفاعلت مع سياقاته.
وتعدّد المذاهب أكبر دليل على أنّ النصّ يتحرّك أفقيا وعموديا ويدور حول محور "التوحيد" وأبعاد التوحيد تضمّنتها أسماء الله الحسنى: الحقّ والعدل والسلام والأمان والعزّة ... والكلّ يكدح نحو (الله) تحقيق العدل. والسبل إلى الحقيقة بعدد أنفس الخلائق…
ما أزعجني (في الحقيقة هذا أيضا لم يزعجني لكن القافية حكمت) في كلام سي لُطفي استعارته لكلمة SMIG التي تُحيل على اللاّعدالة في توزيع الثروة وكذلك على "الحقرة"... Smigard هو العامل الزوّالي الذي لا يتجاوز دخله الخام (400 دينار.)
"الأجر الأدنى المضمون" هو أقلّ سعر يحصل عليه العامل مُقابل عرضه لعمله في سوق حرّة يحكمها قانون العرض والطلب. وليس بالضرورة أن يكون هذا الأجر (الثمن) الحقيقي لما يتكبّده العامل من مشقّة وعناء وما يُقدّمه من جهد. (يعني كثيرا ما يكون فيه ظلم وإذلال وإكراه.)
هذا SMIG اخترعه نظام عالمي صناعي/فلاحي-رأسمالي في سياق عولمة احتكرت عملية بناء القيم الانسانية وليبرالية حرّرت السوق وسَلْعنت الإنسان وشيّئت الحياة ... وشرعنت اللاعدالة.
الأجر الأدنى المضمون في بلدان الجنوب يُتفاوض حوله وتستعمله الأطراف الجالسة حول الطاولة (النقابات وسلطة الإشراف) لتحسين شروط التفاوض والضغط والضغط المضاد وكذلك من أجل تبادل الإعتراف. وعادة يزيد بـ 4 أو 5 % ولا يتحوّل أبدا إلى الضعف.
لا شيء في مصطلح SMIG يحيل على "العدالة" ولا دلالة (ضمنية ولا ظاهرة) تشير إلى أي قيمة من قيم الدين الإسلامي (بما أنّ الحديث عن الميراث في الإسلام وليس عن الميراث في إحدى البلدان الأنجلوسكسونية.)
لا أظنّ (متأكّدة) أنّ هذه المعاني المسيئة للنساء وللإسلام تضمّنها النصّ القرآني ولم نلمس في سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وفي طريقة تعامله مع نساءه ومع نساء المؤمنين ما يحيلنا على هذا المعنى SMIG ... الظالم والمُهين والمُقلّل من شأن حقوق النساء.
لو كنّا في بلاد فيها مجتمع مدني يحترم نفسه… يُحاكم لطفي زيتون على تشبيه النساء بـ السميغار… أمّا تعامله الركيك مع النصّ والسطحية التي تحدّث بها في موضوع بحاجة لنقاش عميق وموزون … فهذا داخل في سياقات ركوب حزبه حصان الفصل بين الدعوي والسياسي واستيهام "المدنية" المغشوشة. وإلّي تشوفوه راكب حمار قولوا له مبروك الطيّارة.