كنتُ في حرجٍ من طرح هذا الموضوع للعموم " و هو عموم يتجاوز الدّاخل المحلّي إلى كلّ من تنفتح عليهم صفحتي " و لكن لا مهرب من ذلك لتحسيس عمومنا المحلّي بالوضعيّة المزرية التي عليها مرفق حيويّ في عموم فضاءاتنا ومؤسّساتنا العموميّة .
أقصد بذلك دورات المياه بما تشمله من مراحيض و أحواض غسيل و أبواب و نوافذ ووسائل نظافة … وضعها في غالب المؤسّسات العموميّة مزر و حاطّ من الكرامة الإنسانيّة و الشروط الأساسيّة للصحّة و النّظافة. ..
مدارس معاهد جامعات مستشفيات إدارات وزارات مساجد … دون الحديث عن الدّورات العموميّة و وضعها المخجل رغم أنّها غير مجانيّة ، و دون الحديث عن عدم وجود دورات خاصّة بالنّساء في عديد الفضاءات بما في ذلك المدارس العموميّة …
وضع بعض هذه المرافق في مدارسنا الابتدائيّة وصل إلى الحدّ الذي أصبح فيه ناقلا للأمراض المعدية و الخطيرة على صحّة الأطفال " أحد الأولياء ذكر لي أنّه وضع نظاما لأبنائه يمكّنهم من عدم استعمال هذه الدورات إلا في الحالات القصوى … بل حتّى في هذه الحالات رتّب لهم الأمر مع أحد القيّمين ليمكّنهم من دخول دورة المياه المخصّصة للإدارة … "
لن أنسى ذلك اليوم الذي استضفنا فيه في مقرّ الإذاعة الوطنيّة ضيفين من العراق للمشاركة في برنامج أشارك في إنتاجه … سأل أحدهما و كان مسنّا عن دورة المياه … و كم كان مهينا لنا أن تكون حالة دورة المياة في مؤسّسة وطنيّة عموميّة بذلك الوضع المخجل الذي لا يزال متواصلا " لا أدري هل يدخل هذا في باب إفشاء الأسرار الإداريّة و خيانة مؤتمن !!! "
في رأيي المراحيض التي تستعمل لقضاء الحاجة البشريّة هي المرآة التي ترى فيها وجه شعب من الشّعوب و تكتشف مدنيّته وعمق ثقافته و قيمه … لا يُعقَل أن تُحاور شخصا عن الحضارة و الثقافة و الآداب و الجمال و المدنيّة و قريب منك فضاء يفترض أن يحتضن حميميّتك الإنسانيّة و طبيعتك البشريّة إذا دخلتَه تستقذر وجودك فيه و لكنّك تمارس كرها ما أنت مضطرّ بحكم إكراهات البيولوجيا لممارسته !!!