من وحي الواقع التونسي

Photo

إنّ التغيير واقع لا محالة وإنّ الحركة الإجتماعية التي تُفرزها الحياةُ تُفضي بالضّرورة الى تراكم التحوّلات الكمّية والنوعيّة بثورة أو بدون ثورة، وذلك هو جوهر الزمن الاجتماعي- التاريخي.

لكن الحديث عن الثورات بأبعادها المتعددة لا يصحّ بمعزل عن فعل واع بالواقع يستهدف تغييرمجرى الأحداث وصناعة التاريخ باسترجاع ما سُلب من الذات أثناء حقبة الإغتراب.

فالمجتمعات مُقسّمة الى ثلاثة أنواع. فيها من يصنعُ التاريخ لأنّ روّاده أخذهم وعيُهم الى ضرورة العمل على المصالح الجمعية العميقة الثابتة، وهم غيرُ مُستلبي الذوات أو يكادون، وقد ارتأوا تنظيما اجتماعيا يتواءم مع متطلّبات المواطنة ويضمن حدّا أدنى من القدرة على مصارعة القدر.

وفيها من يتحمّله بواقع الخضوع باسم ''الحكمة'' والاقتصار على التّأمّل والانتظار والدّعاء لغد أفضل.

وفيها من هو في منزلة بين المنزلتين، فلا هو تجرّد من ماض عالق في المخيال الجمعي ومكبّل لارادته، ولا هو قاطعٌ مع أفعال رتيبة وجُمل مُصرّفة في مستقبل مجهول…

في تونس لو تفادى بعض المسؤولين والسّاسة التصريحات غير المدروسة والقيامَ بأنشطة دلالاتها سياسوية بحتة فاقدة المحتوى الاجتماعي لكان أسلم. إذ الخطاب المجانب للواقع وعمقه لا يخدم عادة مناخ الاعمال ولا يعزز الثقة بين السّلطة والنَّاس ويُضعف الدولة بالحطّ من شرعيتها وذلك في احدى أو كل الحالات التالية،

كلما :

- قلّت الإنجازات الفعلية، التجأ بعض الساسة الى تضخيم أبسط الاجراءات العادية.

- انعدمت الاجراءات الاستباقية، ألقى بعضهم فجأةً المسؤوليةَ على سابقيهم .

- لَمْ يُوَف بالوعود المُعلنة، تذرّعوا "بالاكراهات" .

- غابت الكفاءات وتقلّصت المهنية، تحوّل بعض الساسة الى "خبراء" يقنعون قليلي المعرفة بصنيعهم.

- انعدم إيمان صاحب القرار وقلّ اقتناعه بما يصرّح به، يلتجئ الى التحدّي بعدم وجود الحلول البديلة…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات