تستمر المنافسة على منصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو، منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم التي من أهدافها قيم نبيلة منها دعم العدالة وسيادة القانون وحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية.
واضح بأن المترشح الصيني دفع ضريبة تسريب ملف الفساد الذي يلاحقه واستفادت من الوضعية المرشحة الفرنسية التي تعاني من مشكلتين أولها انها مرشحة مستقلة وليست مرشحة باسم الدولة الفرنسية وثانيهما أنه جرى العرف أن لا يتم الجمع بين مقر المنظمة ورئاستها و باستثناء الجامعة العربية لا توجد منظمة دولية أو اقليمية يرأسها من يحمل جنسية بلد المقر.
الحظوظ العربية بالفوز كبيرة ولازال المرشح القطري في الصدارة وحلت المرشحة المصرية في المرتبة الثالثة ولولا الخلافات العربية لحسمت الأمور منذ الدورات الأولى . ولكن أصبح من الصعب على المرشحة المصرية تحقيق الفوزأو الوصول للدور الثاني كما حصل في الانتخابات التي أجريت سنة 2009 وخسرها المرشح العربي المصري فاروق حسني بثلاث أصوات فقط.
فالمصرية مشيرة خطاب، هي وزيرة وسفيرة سابقة، وتحمل إجازة الدكتوراه في القانون الدولي الإنساني، وناشطة في قضايا التربية والتعليم وعملت كأمين عام للطفولة والأمومة وكانت حظوظها للفوز كبيرة ولكن محاولاتها كسب الغرب من خلال البوابة الأسرائيلية لم تثمر الى حد الان كما أن التركيز في خطابها على السياسة المصرية لدعم السلام والاستقرار لم تساعد في اقناع المشككين في حصيلة السياسة المصرية المعتمدة. وجاء ت الهجمة الديبلوماسية المصرية على عدد من البلدان الافريقية لتعقد الأمور وتنشر الشك والريبة لدى الكثيرين.
وقد أصبح من الصعب أن تتغير موازين القوى لصالح خطاب رغم وجود وزير الخارجية المصري في مقر اليونسكو خلال اليومين الماضيين لتوفير الدعم لها ولكن كثيرين يقولون بأن الحضور بذلك الشكل كان له مفعول عكسي نظرا لسجل النظام المصري الحالي في مجالات العدالة وسيادة القانون وحقوق الأنسان وهي من مجالات عمل المنظمة .
هذا فضلا على أن جماعات حقوقية عدة نشرت تاريخ خطاب و أدانت سكوتها على سياسات الحكومة المصرية تجاه منظمات المجتمع المدني والمنظمات المدافعة عن حقوق الانسان خلال فترة عملها كمساعدة لزوجة الرئيس المصري السابق حسني مبارك . أما حضور السفير الاماراتي والمندوب السعودي لمقر المنظمة لضمان بقاء المرشحة المصرية في السباق سيزيد من تشتيت الأصوات ويعطي انطباع سئ عن الأداء الديبلواسي للعرب خاصة أن السعودية والامارات ليسا أعضاء فى المجلس التنفيذى للمنظمة ولا يحق لهما التصويت في منظمة تقول أدبياتها أنها تسعى لرفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة لإحلال الاحترام العالمي و النهوض بحرية التعبير وحرية الإعلام باعتبار أنهما من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية .
ويبقى القطري احمد الكواري الأوفر حظا للفوز بالمنصب رغم التشتت العربي الغير مسبوق والذي ستكون له تبعات مستقبلية . هو وزير الثقافة والأعلام سابقا وينسب له قرار الغاء وزارة الاعلام في قطر حاصل على ماجستير في الفلسفة السياسية من جامعة السوربون في باريس و الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ولاية نيويورك . كان أيضا سفيرا لبلاده في عدد من البلدان منها فرنسا واليونان وسويسرا، ومندوبا لدى اليونسكو.
لعل ما ميز انتخابات هذه السنة هو الاتهامات المتبادلة بالفساد والحديث عن شرا ء ذمم عدد من مندوبي البلدان 57 الذين يحق لهم التصويت والغريب أن هذه ألاتهامات انحصرت الى حد الان بين بين المتنافسين العرب ومن يدعمهم. وتتم عملية التصويت على أربع مراحل حتى يحصل أي مرشح على أغلبية مطلقة (30 صوتا)، إلا أن هذا الشرط لا يسري على الجولة الخامسة والحاسمة التي يتأهل لها الأول والثاني من الجولة الرابعة علاوة على حصول الفائز على موافقة أعضاء الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وعددهم 195 دولة، في جلسة تعقد في 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.