أكثر كلمة مكروهة وعيب وقباحة في الإدارة العمومية هي "عقد الأهداف"، يعني أن يصبح التعيين والارتقاء في الإدارة العمومية ومسؤولياتها مرهونا بتحقيق أهداف واضحة في مواعيد زمنية ثابتة قابلة للمحاسبة والمراجعة،
الذي يحدث في برّ الأيالة التونسية الإدارية أنهم يأتون إلى مؤسسة عمومية تعاني من الخراب وسوء التصرف لكنها تعيش وتقاوم ببسالة، فيعينون عليها واحدا من جماعتهم، فيجهز على ما بقي فيها بسوء التصرف وبإغراقها بأقاربه وعائلته وقبيلته وجماعة حزبه، كل ذلك مقابل أجر خرافي، وصولات وقود تكفي للطواف حول العالم مرارا وأسطول سيارات له وللعائلة وخادمة وعامل حديقة وحارس، فلا يتركها إلا وقد ازدادت سوءا،
ولا يسأله أحد لماذا جاء ولا لماذا ذهب دون مساءلة لكي يخرب مؤسسة أخرى، وقال لي واحد ممن يظنون أنه تم تعيينهم بالكفاءة أنهم رموه في البحر مكتوفا، وقالوا له إياك أن تبتل بالماء، أي جردوه عمليا من كل سلطاته، لكني سألته: لماذا قبلت أصلا ؟
إيه، سيدي، ونحن نعيش في الزمن الذي طالب فيه موظفو واحدة من مؤسسات الدولة المفلسة باحتكار الانتداب في أبنائهم، من باب الوراثة، حيث لا يحاسب أحد على أجرة 18 شهرا سنويا ومنح أخرى لا تحصى، ولا عن القروض بلا فوائد ولا تستخلص وغيرها من المنافع،
أي، سيدي رئيس الحكومة، إنها أشياء تستحق التثبيت في باب إصلاح الوظيفة العمومية تحت عنوان "المال السائب يعلم السرقة"،