عن اقتحام الازمة القادمة

Photo

برّ تونس منفتح على أكثر الاحتمالات جنونا في 2018 حين تنتهي الزنقة بالهارب وفق منطق "ترحيل الأزمات" التي تعيش عليه كل الحكومات المتعاقبة، مثلا، لن يحدث شيء سحري في 2018 لعلاج الأزمة غير القابلة للحل لصناديق الضمان الاجتماعي،

ستتراكم وتتعقد الديون العمومية الداخلية (لن يشتري أحد القروض الرقاعية التي تصدرها الحكومة أو بنوكها) والديون الخارجية التي ستصبح بضمانات (رهنية) مع خدمة الدين القديم المتراكم حتى تصل في نهاية العام إلى نصف الميزانية،

مناخ التشاؤم والاكتئاب وضعف الدولة وإفلات اللصوص وكل الأشياء السيئة، يمكن اقتحامها بطريقتين:

إما علام الشعوذة والخزعبلات وبكائيات الحب المهدور والتلصص الجنسي والولاءات الإيديولوجية البذيئة والمافيات …

وإما إعلام وطني ناضج، محترف، قادر على طرح الأسئلة الحقيقية، وإعادة كل واحد إلى مكانه، حيث يحتمي الصحفي بالكفاءة والنزاهة والموضوعية، وإن تعذر الاحتماء بالدولة، فالاحتماء بمقر نقابة الصحفيين،

الناس يقدرون على تحمل أقصى الظروف، حين يتوفر لهم شيئان: إعلام وطني موضوعي حرفي وسياسيون يخافون من الإعلام الموضوعي الحرفي، الباقي، كله لغو،

في علم الخبر الصحفي

وفي الأثناء، حتى من ينقل لك توقعات خبراء الرصد الجوي، لا يذكر مصدر المعلومة، يوهمك بأنه هو أصلها ومصدرها، يتبناها ويتماهى معها على أنها غنيمة حرب دخلت في أملاكه الخاصة، في سلوك يتنافى مع ما تعلمته أجيال كثيرة من طلبة الصحافة بنفس الطريقة في مختلف بلدان العالم: صفة المصدر هي التي تمنح الخبر مصداقيته، وأن تتخذ من المصدر مسافة واضحة، حتى لا تفقد موضوعيتك في التعاطي معه وفي حقك في نقده، وحتى في التراجع عنه إن لزم الأمر،

حقا، من أنتم ؟ خبراء في الرصد الجوي ؟ تقيمون في قاعة العمليات في وزارة الداخلية ؟ مكتب ضبط في الحكومة ؟ أم أن قدركم كبر حتى أصبح من العيب عليكم أن تتواضعوا وتتعلموا نسب الخبر إلى مصدره ؟

اكري من يسمعك ؟

عندما فقدت الدولة وظيفتها في إقامة العدالة، أطلق التونسيون تلك العبارة الماكرة "اشكي للعروي"، اليوم، عدنا إليها، حيث أصبح المشكل في برّ تونس، هو أنك لا تستطيع أن تأخذ لا حقا ولا صرفا ولا عدلا، أي واحد يقول لك متحديا: "بره اشكي"، هو يعرف أنك سوف تحتاج إلى أعوام طويلة ومضنية بلا جدوى لأن العروي نفسه شبع من الموت، في الأثناء، اخترع التونسيون أيضا عبارة أكثر مكرا لهذه الحال: "اكري من يسمعك"،

علماء الاجتماع يستطيعون أن يقولوا لكم إذا ما كانت هناك علاقة بين الإحساس بالإحباط والعجز وبين أن يندفع الإنسان إلى التهور والانتحار بقتل نفسه أو بإيجاد مبررات لقتل الآخرين سواء يعرفهم أو لا يعرفهم،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات