في واقعة منع الإمارات النساء التونسيات من عبور المجال الأرض-جو الإماراتي ليس مهمّا "المنع" في حدّ ذاته (وإن كان يعني الكثير سياسيا ودبلوماسيا( ولكن الأهمّ كيف تفاعلت نخبنا مع قرار "المنع".
نخب "حداثية" تُناضل من أجل المساواة في الميراث والتساوي في الحقوق ورافعة شعارات "نساء بلادي رجال ونصف" وصدّعت تلفزاتنا بمكسب مجلّة الأحوال الشخصية متاع بورقيبة ولجنة الحقوق والحريات متاع بشرى (مجلة الأحوال الشخصية 2 على حدّ قول صاحبتها)... مُجتمع مدني "نسوي" إلى حدّ النخاع ومُثقّفات وجامعيات حبّرن مُجلّدات حول موضوعة الجندر وموسوعات في النوع الإجتماعي.. وفي كلّ محفل دُولي شادين في حبل "التحليل الجندري" والتمييز بين الجنسين والتحيّز الذكوري..........
وفي الأخير يقفن موقف المُتفرّج من هذه الممارسة غير اللائقة التي تعرّضت لها المرأة التونسية.
الإهانة مُضاعفة حيث أنّ المنع بشكل عام يُمثّل استنقاص للتونسي كمواطن (بغض النظر عن جنسه) ينتمي إلى دولة لها سيادة وتخضع في علاقاتها البينية مع الدول الأخرى إلى مواثيق دُولية... وتخصيص النساء بالمنع فيه إستعمال مُهين لنساء بلادي (بدون أنصاف) لبعث رسائل مُشفّرة للسياسيين في تونس.
المسألة حسب رأيي لا علاقة لها بعندي ما نقلّك ولا بشبكات الدعارة ولا بالأخلاق الحميدة لأنّ الإمارات تحوّلت منذ عقود إلى أكبر ماخور في العالم يستقبل بائعات وبائعي الهوى من روسيا وأكرانيا وغيرها من الدول المُصدّرة للحوم البشرية البيضاء وتوجد شوارع مشهورة يرتادها أمراء ووجهاء وأصحاب الجلالة والفخامة للاستمتاع بما توفّره سوق المتعة من سلع متنوّعة اللون والطعم....
لكن في حالة "المنع" هذه وقع استعمال "نساء بلادي رجال ونصف" كطابع بريدي لإرسال برقية مضمونة الوصول لجماعة "التحديث" القسري والعصرنة المُزيفة والمساواة في الميراث وأصحاب المشاريع والمفاتيح والبدائل... والـ KIA والسيارات رباعية الدفع.... والصمت أكبر دليل على أنّ الجماعة "قبضت" وما تنجّمش تحرّك إصبعها الصغير باش تقول "ق" كما يفعل الأطفال حين يغضبون من أترابهم.
للأسف أغلب المُدوّنين سقطوا في الفخّ وانقضّوا على نساء تونس كما ينقضّ الضبع على فريسته... واهتمّوا بالهامش وأهملوا المتن.
معركة حول بسط النفوذ بين أمراء البترول ... وشلبوق لـ"البيوعة" لأنّهم قبضوا ولم يُنجزوا ما وعدوا....
نساء تونس ... رجال بدون أنصاف.