في ما لا يحق لمن بلغ الأربعين برئيس واحد
وبما أنه يستحيل في أغلب المجتمعات العربية أن تختار بحرية من يقرر مصيرك أو حتى أن تفتح فمك دون أن تضمن سلامك أسنانك، وبما أن أغلب النخب العربية منخرطة حتى العنق في زواج متعة انتهازي مع السلطة، فإنه لا يحق لمن بلغ سن الأربعين برئيس واحد من مواطني الدول العربية مثلا، أن يتهم أردوغان بالتسلط،
على الأقل، من باب المفاضلة بين الطغاة، عليه أن يبدأ بإحصاء عدد ضحايا الحرية في وطنه الذي يعيش ويتنفس على نسق مزاج الرئيس المجيد المفدى، قائد الحروب التي لم تحدث أبدا سوى ضد شعبه، والفائز الأزلي في كل الانتخابات المزيفة بنسبة 99% التي ترشح لها وحده أو اختار لها الأكثر تخنثا من مساعديه، حيث لا يمكن الحديث عن دولة وحقوق إلا بالحد اللغوي الذي يجعلها أقدم مفهوم لتجمع الناس والسلطة والضريبة،
وبشيء من الموضوعية ووفق هذه المقاييس، سيصبح أردوغان ملاكا تركيا لم يسجن سوى 149 صحفيا، مقارنة بحكام عرب انتزعوا الأعضاء التناسلية الذهنية والقدرة على الإنجاب الفكري عند نخب بلدانهم، وقسموهم بين مسجونين ومشردين ولاجئين في دول الحرية وباحثين عن أجر صناعي جيد مقابل الصمت في دول النفط،
وعليه دائما، من واجب من يريد نقد أو مديح أردوغان سواء سلطانا عثمانيا ترافقه الانكشارية أو رئيسا وراثيا يترنح تحت ثقل نياشين الحروب الوهمية، أن يعود إلى المقياس الوحيد: كرامة الإنسان ومدى استفادته من حقه في تقرير مصيره، بما فيه من يحكمه،