في "الكفر" و"الإيمان"

Photo

إنّ مشكلة أغلب فصائل اليسار التونسي-ومعظم المحتكرين للأسماء التقدمية والحداثية الحسنى- تتمثل في أنهم "كفروا أولا بالانسان" ) الانسان الذي لا يعيد إليهم صورتهم"النرجسية" ولا يخدم مصالحهم الفئوية ولا يستجيب لانتظاراتهم"التنويرية" المسقطة على الوعي الجمعي وعلى مخياله)

و في أنهم كفروا -ثانيا- بالصراع الطبقي وبتراث الثائرين منذ أبي ذر الغفاري وصولا إلى تشي غيفار ولاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية. وليست مشكلة"اليسار الثقافي" في أنه "كفر" بالله أو بمدوّنات الكهنوت الذي باع نفسه للسلطان منذ أيام"السلف الصالح"، بل إنّ مشكلة هذا اليسار أنه "آمن" بخرافة التناقض المركزي والتناقض الثانوي فأدار الصراع على أساس ثقافوي بائس ليجد نفسه مجرد "حليف استراتيجي" لنظام بن علي وورثته في نداء تونس، ومجرد آلة دعائية تحرس " مجتمع الفساد البرجوازي" وإن تحدثت بمفردات طوبى"العدالة الاجتماعية" والسيادة الوطنية وحقوق الانسان الكونية،

أما مشكلة الإسلام السياسي فهي أنه "آمن" بإله أبي سفيان وفقهاء السلاطين وعُقد التمذهب وتلبيسات "الموقّعين عن رب العالمين" أكثر مما آمن بإله بلال الحبشي وأبي ذر الغفاري، وآمن بنبي"المحدّثين" وكتّاب السيرة" ووعاظ السلاطين أكثر مما "آمن" بنبي"القرآن" الذي جاء "رحمة للعالمين"، لا رحمةً للمؤمنينن ولا لأهل المذهب دون غيرهم من "عيال الله…

وفي النهاية فإنّ "التقدمي" الذي يتحالف مع عدوّه الطبقي لقمع "البروليتاري" والمهمش وساكنة الدواخل ومناطق الظل من "المتدينين" الذين لا يُفكّرون مثله ولا "يُقدّسون" مرجعيته الإيديولوجية، لن يكون أفضل كثيرا من ذلك "المؤمن" الذي أدار ظهره للمستضعفين الذين حملوه إلى السلطة، وتحالف مع عدوّهم وجلادهم"الطبقي" و"الأمني" و"الجهوي" لأنه فقط "يُصلّي" ويصوم ويحجّ مثله أو لأنه يراه بمتلازمة ستوكهولم ، ولذلك فهو يعادي الكثير من "الثوريين" لا لشيء إلا لأنهم قد كفروا بعلماء يرون "استعباد "الناس هو "الصراط المستقيم" إلى "عبادة" الله سبحانه.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات