في نسبية السرديات المتصارعة و ايجابية الصراع الساخن ..

Photo

في الوضعيات السياسية المستقرة فقط يكون للدوال مدلولاتها المتفق عليها .لكن في وضعيات الانتقال التي لم تترتب فيها القواعد المتفق عليها في "اللعبة السياسية" تكون الدوال و المدلولات مجرد "علامات سياسية" تتباين معانيها حسب المستعملين دون مرجعية مشتركة.

كل سردياتنا في صراع لا تحكمه مرجعية مشتركة متفق عليها أو فرضتها "أغلبية شعبية مطلقة" تبقى نسبية و يبقى من حق الجميع على الجميع أن يشكك و يطعن في "مزاعم" خصمه.

لذلك من حقنا أن نحلل صراعات الاطراف السياسية في تونس على أنها صراعات "أطراف" خارج معادلات "الخير" و "الشر" أو"حق" و "باطل".

"فاش تستناو" حملة أطلقها "اليسار التونسي" ممثلا في أطراف معلومة من الجبهة الشعبية و أطلقوا بها شبابهم في الشوارع اعتمادا على "قولة حق" يُراد بها هدف سياسي يمتد من هرسلة الائتلاف الحاكم الى اسقاط الحكومة و و ربما الى استهداف "النهضة" و خدمة كل من لا يرضيه التوازن الحالي من أطراف في الداخل و الخارج.

من يقف ضد الحملة و يعارضها و يركز على "المصلحة الخاصة" لمن أطلقها لا يكون "شريرا" أو "خاطئا" بالضرورة بمعنى العداء "للشعب" أو "الحق" أو "الثورة" أو "الفقراء" .فهذا موقف "حزبي" في مقابل آخر من "جنسه".

اعتراض الفريق الحاكم باسم "النظام " و "القانون" و "الاحتكام للصندوق" و "المصلحة الوطنية" و تجنب "الفوضى" و "معاداة تونس" و "التآمر" عليها ليس بدوره "حقيقة مطلقة" فهذا بدوره "موقف فريق حاكم" يمسك ب"النظام" كما رتبه هو و ب"المصلحة الوطنية" كما يراها و حتى بالقواعد التي ستحكم "الصندوق" الذي يدعو اليه مقابل "التظاهر" لأنها قواعد تخدمه من "الاعلام" و "المال" و "الاجهزة" و "المنظمات" الى "السياق الدولي" و من حق من حُرم من امتلاكها أن "يفسد اللعبة" مادام المشهد لم يتأسس كما تقتضي "الديمقراطيات المستقرة" على استعمال هذه الوسائل بنفس الحظوظ .

حتى صفة "الثورية" أو "الثورة" ليست معيارا يستقوي به طرف على آخر ليثبت الصحة المطلقة لموقفه اذ لم تتبلور قيادة و سردية تمتلك "حوزة" حدث 17_14 ذلك أن فوضى "الرموز و القيم و خراب الذاكرة جعل حق الحديث باسم "الثورة" متاحا للجميع بعد هروب راس المنظومة دون ان يعني قبولنا بأن كل متحدث بذلك يجبرنا على القبول بأنه مرجعية موضوعية نقيس "شر" الآخرين أو "خيريتهم " بمدى قربهم أو بعدهم عنه فلا وجود لحوزة ثورية متفق عليها بأغلبية شعبية مطلقة تنزع هذا الحق أو تمنحه .

هل معنى ذلك أننا نفرض ريبية مطلقة لا يوجد فيها معيار للحقيقة و الفرز في وضعنا السياسي غير المستقر؟.نعم .

وجود معيار الفرز في المجتمعات المستقرة سياسيا يكون بعد صراع شرس بين القوى المتوازنة التي استعملت في مواجهة بعضها كل أساليب "الحرب" حتى وصلت الى "توازن" أقوياء فصاغت "الميثاق" الذي يؤسس "السلام" الديمقراطي حيث يتم وضع المرجعيات و تحديد قواعد استعمال أسلحة اللعبة السياسية من مال و اعلام و لوبيات و علاقات خارجية على اساس تعادل القدرة في الاستعمال لا تفاوتها .

بالصراع الحار و الساخن و كسر العظام و عض الاصابع تتشكل وضعيات التوازن السلمي الديمقراطي بين "قوى" سياسية "نسبية" و عندها يتم فرض المرجعية المشتركة التي تحدد المعاني المشتركة للدوال "الثوري" و "الرجعي" و "الديمقراطي" و "المصلحة الوطنية" الخ .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات