في تفاعلاتنا مع الأحداث هناك 2 مستويات:
المستوى الأول سياسي: في علاقة بالتجاذبات السياسية بين أطراف مُتصارعة حول السلطة استغلّت مسألة الميزانية لتحسين شروط التفاوض حول التموقعات القادمة وتستعمل الشارع من أجل تخويف خصومها أو إغراء حلفاءها الجدد. هؤلاء يجب تعرية وجوههم وكشف أهدافهم المتخبية خلف شعارات "غلاء الأسعار" و"تجويع الشعب" و"فشل الحكومة"....
المستوى الثاني اجتماعي: في علاقة بأحقية الاحتجاجات ومشروعيتها هنا حسب رأيي المطلوب عدم الانجرار خلف خطاب تجريم الشباب المُنتفض ونعته بنُعوت لا تليق خاصة بمن يقف (أو هكذا توهّمنا) في ضفة الشعب العميق وعُرف بمناصرته لأولاد الحفيانة.
علينا أن نسأل من اوصل هؤلاء الشباب (ابني وابنك وابن جارك وابن حومتك... وتلميذك والطالب الذي يدرس عندك) إلى مثل هذه الممارسات ... من أحبطهم وقهرهم وشلّ حركتهم وسرق الكحل من اعينهم؟ وجعلهم لا يُميّزون بين المرفق العمومي والمرفق الخاص... من استغلّ غضبهم واستثمر في شعورهم بالخيبة؟
طبعا جميعنا ضدّ التخريب وضدّ الفوضى ... ولا شيء يُبرّر السطو على ممتلكات الغير وترهيب الناس وتعطيل حركة مرورهم…
لكن يوجد سرّاق من نوع آخر ومُخرّبون وانتهازيون نهبوا خيرات الوطن ونثروا "الرعب" و"الخوف" من غدٍ ملامحه بدت سوداوية... مخرّبون وباندية وخلايق وكلاب سوق وسرّاق وقطّاع طرق لابسين بدلات أنيقة وكرافات ونظّارت شمسية وراكبين سيارات رباعية الدفع رقمها المنجمي 202 وساكنين في الأحياء الراقية بفضل دماء شهداء الثورة واستحقاقات شبابها ... كانوا لاشيء وبفضل "الفوضى الخلاّقة" نبتت لهم أشياء.
ميزانية 2018 تحمل بين فصولها إعلان موت الطبقات الوسطى وانتقال أكثر من ثلث الشعب التونسي إلى مستوى تحت خطّ الفقر… ويُبشّر بارتفاع في نسب الفقر والبطالة.
الشارع بحاجة إلى "مجتمع مدني" خارج معركة التموقعات (لا وطد ولا نهضة) و"مثقّفين عُضويين" غير مؤدلجين(لا يسار ولا يمين) وإعلاميين مُحترفين (لا لعماري ولا شكيب ولا بوغلاّب ولا بوبكر ولا ميا ولا مريم ولا سكايب نيوز..) ورجال وطنيين (لا حمّة ولا نجيب ولا الغنوشي ولا المرزوقي) لا يشتغلون حسب الطلب وبوصلتهم معدّلة على تونس….
هؤلاء فقط بإمكانهم تحويل الشارع إلى منصّة للاحتجاج والمُطالبة ويُعيدون الأمل إلى شباب يُريد وكانذات اعتصام قصبة 2 يعلم ما يريد لكن للأسف مهمشوه السياسيين فدخل في حيط.
ربي يحمي تونس وشبابها….