شهدت الفترة الاخيرة صعود النزعة الاقصائية والمواقف المؤدلجة بقوة ، خاصة بين الاطراف التي تنتسب إلى معسكر التقدم او الحداثة ، و هذا إلى حد فقدان الاتزان والانخراط اللاواعي في حملات تدفع اليها اطراف لها أجندات او مصالح ضيقة.
انما يجري هو معاملة من نختلف معهم في بعض القضايا و كأنهم اعداء وعلى حساب القضايا الاساسية للشعب وللأمة.
ومن الامثلة على هذا التخندق الايديولوجي حملة الكراهية ضد تركيا وضد اردوقان حيث يسود الخلط ويضيع التمييز بين مسائل الاقتصاد والايديولوجيا والسياسة الخارجية والحريات.
من الضروري معالجة العلاقة الاقتصادية مع تركيا على اساس التكافئ و تبادل المصالح و بعيدا عن الاعتبارات أيديولوجية و دون نسيان فداحة العجز التجاري مع الصين .
و بالنسبة للاديولوجيا ينبغي الحذر من العودة الى النزعة الاستئصالية لعهد بن علي او الانسياق وراء حملة أنظمة السعودية والإمارات و مصر ضد من تسميهم "الاخوان" ، و التي ليست إلا ستار ا لشرعنة الاستبداد .
إن الفكر السياسي الاسلاموي ينبغي ان يعامل في اطار جدل الأفكار ، حتى يمكن دفعه إلى التطور و القبول بمبدأ الديموقراطية التعددية كما حصل مع حركة النهضة في تونس ، أما الممارسات السياسية للإسلاميين فمن المفروض ان تقيم وتعالج وفق قواعد و اعتبارات السياسة .
بالنسبة إلى البعد الجيواستراتيجي فإن تركيا انخرطت في ديناميكية تخدم قضية فلسطين . اما عن الحريات فمن الواضح ان حملة التطهير التي تستهدف أعداء حزب العدالة و التنمية تمثل اعتداء فادحا على حقوق الانسان وتطرح تساؤلات حول مفهوم " الديموقراطية الاسلامية" ، و لكن هذا لا ينبغي ان ينسينا تردي الاوضاع على هذا الصعيد في البلدان الثلاثة المذكورة أعلاه .
و عودة إلى اردوغان ، و كمثال على ما يمكن أن يقود إليه الاحتراب الإيديولوجي ، فإن اشارة اليد التي ترمز الى خيارات تركيا وحزبها الحاكم قد فهمت بتسرع على انها شعار رابعة. وبالمناسبة هل نسي من يثير هدا الشعار حنقهم المجزرة التي ارتكبها الامن المصري ضد جزء من الشعب ؟
اود التذكير بان الحزب الجمهوري سبق ان ادان الانقلاب العسكري الذي كان وراء تلك المجزرة .ان شعارنا كان ولا يزال وسطية لا استئصالية.