(الخلدونية منهجا)
الحلول الاجتماعية و الاقتصادية لتونس موجودة و معروفة و متفق عليها و بقراءة مقترحات الاحزاب في الانتخابات يسارا و يمينا نجدها هي نفسها ما يعني أن الحلول واحدة مثل دواء قشرة الرأس أو معالجة الفدة بمعنى أن الفارق في الغلاف فقط و هذا طبيعي لأننا لن نخترع العجلة .اذهب الى أصغر بيت خبرة سيعطيك حلول البلاد في نصف ورقة .
لكن يجب ان ينتصر طرف سياسي وطني على آخر انتصارا ساحقا ليتمكن من انجازها وحده فمادامت الأطراف متوازنة فلن يسمح أحد للآخر بالنجاح عوضا عنه ..
وجود النهضة أيضا يؤبد عدم الانطلاق في تطبيقها لأن أغلب الاطراف في الدولة العميقة و المعارضة اليسارية خصوصا لن تسمح بشراكتها في مرابيح النجاح في تطبيق الحلول لأسباب شتى.
الانتصار الساحق سيمكن الطرف الوطني المنتصر أيضا من مواجهة اللوبيات التي ترفض هذه الحلول و تعطلها و تمكنه من حسن مفاوضة القوى الدولية حولها .
في المجتمعات الطبيعية (الحديثة) عندما تصبح الحلول واحدة متفق عليها و لا حلول غيرها تتوحد القوى المتوازنة حول تلك الحلول و تسميها المشروع الوطني الجامع و تنجز بتطبيقها ما يسمى بمراحل الانتقال الكبرى .
لكن تونس مثل غيرها من المجتمعات العربية يحكمها صراع "العصبيات" و صعوبة "الانقياد" الا لنبي أو عصبية غالبة تكسر شوكة العصبيات الاخرى و تقحمها في المشروع الجامع الذي تحتاجه تلك الامة في تلك اللحظة و هو ما يقع عادة في الثورات التي يقودها تنظيم وطني قوي و زعيم "قاهر" بواسطة دعم الناس و لكن هذا لم يقع في تونس بعد 14 و قد وقع في المشروع الوطني الاول مع بورقيبة .
العصبية اتخذت اليوم تونسيا صورة "الحزبوية" و "الشُللية" الايديولوجية و الفكرية مما يقتضي "غلبة" و "انقياد القبيل" كما يسميها ابن خلدون أي تفرد "عصبية وطنية أقوى" بالحكم و الشوكة حتى تُنفذ المطلوب في تلك اللحظة التاريخية لكن هذا لن يكون لأن القوى الداخلية و الخارجية الرافضة للانتقال الجذري الوطني ستمنع نشأة هذه "القوة" الوطنية و ستحافظ باستمرار على التوازن بين "القوى" و كلما ظهرت ملامح غلبة طرف على آخر تدخلت للتعديل لضمان الاستقرار في اللا انتقال .