منذ عشرات السنين والفلسطيني يقاتل، ومنذ عشرات السنين وقيادته هزيلة، أصغر من تضحياته، وأجبن من تبني مشروعه، وأضعف من حمايته.
على مدار مائة عام لم يجن الفلسطينيون شيئاٌ إلا بالقوة وفي جميع المراحل خسروا انجازاتهم بسبب وهن قيادتهم هكذا حدث في الكتاب الابيض بعد ثورة ١٩٢٩، وفي مراحل الثورة الفلسطينية التي انتهت بكوارث متعددة.
أزمة الفلسطينيين دوماً في قيادتهم، التي لم تتوحد يوماً على مشروع تحرري واحد ولم تحمل رؤية واحدة ولم تستوعب تناقضاتها أو تتعلم فن الاختلاف، أو تعمل ضمن فريق متناسق يجيد صهر اختلافته وتناقضاته وتحويلها لبرنامج عمل، فلا بنت مشروعاً منظماً، ولا امتلكت أهدافا محددة ولا رسمت معالم المرحلة القادمة.
هكذا فشلت مراراً وظل دوماً عملها ارتجالياَ، تحكمه المصالح الشخصية والمناصب، والعائلية والمناطقية، وبدل أن تحرر شعبها تركته يعاني ثلاث احتلالات دفعة واحدة: الاحتلال الاسرائيلي المباشر، احتلال السلطة وعصابات الفاسدين. احتلال لقمة العيش والجوع.
هكذا تماماً كان الأمر في النكبة ومذكرات رشيد الحاج ابراهيم تكشف جوانب موجعة من داخل المنظومة القيادية لشخص عانى ويلات الانقسامات وحاول مراراً التوفيق لحماية المشروع الفلسطيني وحماية حيفا، يقول في مذكراته التي حملت عنوان "الدفاع عن حيفا وقضية فلسطين": "... خضنا المعركة الفاصلة على غير وعي، وعلى غير استعداد، وأن المسؤولية في أساليبنا المرتجلة وفي عدم تهيئنا واستعدادنا إنما تقع على عاتق الهيئة العربية العليا وزعماء عرب فلسطين، هؤلا لم يتهيأوا لمجابهة العدو ولم يعدوا أمتهم لمجابهته... هؤلاء القادة والزعماء تقدموا للقاء الخصم أشتاتاً وأحزاباً وشيعاً ، لم تجتمع لهم كلمة أو يوحد لهم رأي.. السلبية المطلقة وسياسة الارتجال والأنانية، وعدم السعي لتوحيد القوى، وعدم التهيؤ والاستعداد، والاستهتار بقوة العدو وإمكانيته…
وما أشبه اليوم بالأمس، فهل هناك من يقرأ الماضي ويمنع تكرار الكارثة؟