التوافق كان ضروري باش ينجينا من حرب أهلية و انقسام حاد في المجتمع و الدولة، التوافق اليوم بعد خمسة سنوات شبه تكتل مختلط لم تتمازج فيه الأمزجة بل محاصصة لم تتطور لزبونية ناجعة تنجح التجربة التونسية و لم تجد تعبيرات أيديولوجية وفكرية قادرة على حل معضلة الحكم والسياسة والثورة والتقليد ربما سبب ذلك عدم النضج السياسي غياب أفق استراتيجي والصلابة الداخلية لكل من النداء والنهضة،
انتهى التوافق بعد أن انتهى بتضحيات قامت بها النهضة أثر على جسمها وشعبيتها و كذلك النداء بدرجة أقل، انتهى التوافق بعد رجوع صراعات الهوية المتوقعة والتنافس الانتخابي الطبيعي، الآن هناك أزمة اجتماعية حادة سببها منوال بن علي و بورڨيبة القائم على دولة رعوية تحتقر العمل الفلاحي وتنتج كتلة من المتوظفين ضخمة جدا أجهدت الاقتصاد و قوّضت العمل الخاص والحر الذي صار بدوره عملا محتكرا في يد الأغنياء أو الفاسدين أو الجهلة ممن لم يمر بمؤسسات التعليم وغيرها من الأسباب التراكمية التي تسببت في تعزيز التداين الذي كان سقفه سنة الثورة,
النهضة في الاحتجاجات الأخيرة هي الطرف الأكثر شيطنة من ثوريي مابعد الثورة و تجمعيي مابعد الثورة و يسار ويمين مابعد التوافق، فوضويي اليسار والثورة يصرخون يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح لا وجود لاستهداف للنداء أو للشاهد النهضة صارت نصيب الشيطان الجزء الذي تتمركز فيه كل سوداوية العداء للسلطة والحكومة و الدولة،
عمليا النهضة لم تستفد من دولة وثورة كانت كبش الفداء بداية عندما اختارت خيار استمرارية الدولة و لم تدخل في خيارات ثورية متطرفة و سريعة وكانت كبش فداء التوافق والسلم الاجتماعي وكانت كبش فداء الإصلاحات الضرورية والإكراهات النقدية العالمية،
الحكم يهري طبعا إذا خرجت للشارع ستجد ثلاثة مسلمات عن عوام الخلق وخاصتهم أن النهضة تحكم والنداء مجرد وجه والحقيقة العكس و المسلمة الثانية أن سبب الأزمة التعيينات والعفو التشريعي العام و كله أوهام تبددها الحقائق بالأرقام و المسلمة الثالثة و الأخطر أن النداء لا يحكم ولذلك لا يستطيع حكم البلاد حكما بنجاعة وفاعلية،
النهضة بعد استطلاع الرأي الزرقوني الذي لا يعطيها أكثر من عشرة بالمائة لتتساوى حتى بأحزاب أقلية كأحزاب الجبهة وهذا قد يؤدي لشعور بالاستضعاف وقد تعزل النهضة بسبب وزنها الأقلي ومن السهل عزلها حتى على المشهد السياسي عموما مع مسار الشيطنة الموجهة من كل الاتجاهات يمينا ويسارا، حتى الفضاء الاجتماعي الذي تتحرك فيه النهضة أغلبه وصل إليه تم تفقيره وخرج من دائرة الطبقة المتوسطة الصاعدة او المتوسطة المستقرة في عيشها،
هذا إضافة ظاهرة العزوف عن الانتخابات التي إن لم تتجاوز العشرة بالمائة من سيراهن على هذه الديموقراطية ذات التمثيلية الضعيفة سيكون الحل الأكثر سرعة بالنسبة لحكام العالم تجميد الوضع لسياسي و دعم مالي لحكومة موالية و مستقرة،
الحل في رأيي هو خروج النهضة من هذا الحصار الثورجي و الحكومي والأيديولوجي و الاجتماعي بالخروج من الحكومة فورا حماية لجسد اهترأ بالحكم الذي لم يأت بمنافع كبيرة ودعوة لمعارضة جديدة تعديلية لا تعادي الدولة و لا تعادي مرضيا الحكومة و ليست مدافعة عن قرارات لا تستفيد منها واقعيا.
طبعا هناك شبح الإقصاء و الانحسار و انغلاق منظومة الحكم على نفسها، طبعا هذه الخيارات معقولة في ظل وجود أطراف مستعدة للتخلي عن المسار الديموقراطي لوجود النهضة في المشهد السياسي رغم التنازلات الكبيرة والمراجعات الجدية وقد يقول قائل لو سلخت جلدك ما عرفتك يعني إلى الآن مازالت الناس و حتى الإعلام التونسي. وحتى الوطني يتحدث بلغة الإخوان المسلمين فرع تونس و تسفير الشباب و شكون قتل بلعيد شكون خان الثورة … وغيرها من الكليشيهات الوهمية و الضحلة و سهلة التداول بين عوام الخلق بل حتى عند النخبة المثقفة التي تعيش على أوهام أيديولوجية ماتت و تعفنت.