بُشرى بلحاج حميدة ذكّرتني في أمّي فطّومة

Photo

منذ أكثر من عشرين سنة كانت لدي صديقة نراجع معها في الباك... جدّتها "أمّي فطّومة" أوّل ما تشوف أي صديقة لحفيدتها تسألها "أنت بنيّة شكون؟" ومن بعد "أمّك من دار شكون؟" ومن بعد "أمّ أمّك شكون هي؟"…

كان قلتلها "أنا بنت كسكاس وأمّي غربال وجدّتي عفّاسة" تشيخ وتقول لك "صفاقسية حرّة... مرحَبَا مَرْحَبَا أي تفضّل"... وكان قلت لها "أنا بنت بسباس وأمّي قرقنية وجدّتي ..." من غير ما تكّل تقول لك "الأم شلبة والبو قاروص" ... أما كان قلت لها "أنا عقربية أو جبنيانية وأمّي..." تتفجع وتقول لك "برّاينية؟" ... ومن بعد تسمعها تقول لحفيدتها "ما لقيتش صاحبة أخرى من "طِنْجَنا"؟"....

أمّي فطّومة رحمها الله زوجها من أثرياء صفاقس لديه بِرْج وجنان وحوانت في بلاد العربي ونصبة في سوق الحوت متاع باب الجبلي..." قبل ما يموت حكمت عليه يقسم الرزق يعطيها البِرْج والجنان ونصبة سوق الحوت ويقسّم الباقي بين أولاده وبناته بالتساوي الحوانت والأراضي لللأولاد والجنان (لوز وزيتون...) بين البنات…

بُشرى بلحاج حميدة ذكّرتني في أمّي فطّومة رحمها الله واحسن إليها ... تستعمل الألقاب للتصنيف الاجتماعي (صفاقسي حرّ وشِرْكي وبرّاني...) من أجل ممارسة التمايز "طِنْجنا وطنجهم" وأنا "غربالة" وأمّي "عفّاسة" وأنسابنا "دار القلاّل" وأصحابنا "مصمودي"... والأخرين آفاقيين "براينية"…

أمّا مسألة تقسيم الرزق فهي تستعمله للحفاظ على سلطتها المعنوية ... تأخذ البرج والجنان حتى تبقى في قلب الحدث لأنّ اولادها يبنوا ديارهم حول البرج... وبناتها أعطاتهم الجنان لأنّ بطبيعتهم ماخذين رجال من عائلات أخرى وخارجين عن سُلطتها... وهنّ بدورهنّ يؤسّسن سُلطة حول الجنان…

مُجتمعاتنا العربية في ظاهرها بطريقية لكن حين نُدقّق في الوقائع نكتشف أنّ "المرأة" تصنع القرار ولها تأثير كبير على وُجهة التحوّلات الاجتماعية…

بُشرى ينقصها ذكاء وحكمة أمّي فطّومة حتى تؤسّس مشروعية لممارسة الهيمنة على وُجهة القرار السياسي… هي تخدم مُقاول بالقطعة لدى المسئول الكبير.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات