عندما يعود الصحفي وحيدا إلى بيته

Photo

يفترض من حيث المبدإ أني صحفي يحترم مهنته، لا يخاف من القضاء سواء هددني به الغنوشي أو وزير الداخلية، بل يثق به، يفترض أيضا من حيث المبدإ أن الشعب التونسي دفع فاتورة الحرية ولم يعد هناك مجال للعودة إلى مربع القمع، جميل ؟

إنما "يفترض من حيث المبدإ" هذه، تفقد الكثير من قيمتها حين يعود الصحفي إلى بيته، يرى أغلب كبار اللصوص والسراق والقوادين والمنحرفين يقفزون من تلفزة إلى أخرى ومن إذاعة إلى جريدة في حصانة تامة من القضاء، حيث المحسوبون خطأ على مهنة الصحافة يطرحون كل الأسئلة إلا تلك التي يجب طرحها،

يتلقى الصحفي العائد إلى بيته وحيدا استغاثات متعددة عن إيقاف شبان يملأهم الحماس لهذا الوطن وفقراء من أجل أربع جمل من الغضب هنا، يتساءل الصحفي عما إذا يمكن الثقة بالقضاء الذي يغمض عينيه على اللصوص وكل جرائمهم علنا، ويفتحها شرسة بلا رحمة على روح هذا الوطن: الشباب المحبط،

يتساءل الصحفي عما إذا كان هو التالي في قائمة الضحايا، عما إذا كان يمكن الثقة بأي شيء غير الأم والأب في هذا العالم الذي فقد المعنى، عما إذا كان لتهديد السيد راشد الغنوشي من معنى بعد تهديد السيد وزير الداخلية في بلد تنظر عدالته بعين حمراء واحدة: للشباب، وعين كفيفة لكبار اللصوص،

أشياء لا تدخل في اختصاص لطفي زيتون

بدأت أغير رأيي في خصوص توصيف حالة الفشل العضال المزمن لحركة النهضة مع الإعلام، مع أني أتساءل دائما عما يدور في رأس لطفي زيتون في مثل هذه الأوقات.

سابقا، اعتبرت أن علاقة الحركة بالإعلام عرفت أربعة مراحل: عداء متبادل في زمن بن علي، تطبيع واحتواء لبعض أسوأ ما في الساحة في 2012، ارتباك ثم محاولة لي عنق بعد 2014 وصولا إلى التهديد في 2018،

في الأثناء: فشل ذريع ليس فقط في التعاطي الايجابي مع الإعلام، بل خصوصا الفشل في تمكين الساحة الإعلامية من إنشاء بدائل مهنية حرفية، والمراهنة على الرديء المتوفر، ثمة شيء معطل تماما في العقلية النهضوية عندما يتعلق الأمر بالإعلام، شيء يشبه "متلازمة ستوكهولم" في حب الضحية للجلاد،

الشيء الوحيد الذي نجحت فيه النهضة في الإعلام، هي قدرة ممثليها على الاستجابة لكل دعوات الحضور الإعلامي حتى لشتمها، وهي أشياء لا تدخل في اختصاصات لطفي زيتون،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات