قوانين السوق في آخر المطاف هي التي تصدّق و تكذّب…

Photo

لم يكن يعرف التونسيون الدكتور يوسف الصديق قبل الثورة كغيره من الذين برزوا فجأة في المشهد الإعلامي تحت عباءات مختلفة…

اتساءل دائما مالذي يجعل مختصا في علمٍ انفردت به خاصّة الخاصّة ان يتوجه به في قضايا خلافية منذ قرون الى عموم الناس وفي كل مناسبة، علمًا وان جلّ المجالات الاخرى من اقتصاد وفيزيا وفضاء وانتروبولوجيا ونشأة الكون وتوسعه او انكماشه والتاريخ القديم والحديث وغيرها فيها اختلافات جوهرية الى يومنا هذا، لكن السواد الأعظم من الناس لا تهمّه وليست له حيلة فيها..

مالذي يدفعه الى محاورة الفنان والمحامي والمسرحي والوزير في هذه المواضيع الأكاديمية والحال انه في مراتب علم متقدمة وهو يعلم جيدا انه يخاطب الضمير الجمعي ويصدم المُعتقد بدون جدوى علمية لأن المتلقي غير مختص!...

ربما تقولون إن النقاش مهمّ والتعبيرَ حرٌّ ومجال العلوم الانسانية اقرب للناس من المجالات الأخرى لكن ليست بأي طريقة وفي ايّ إطار والعلوم الانسانية ليست سهلة كما يظنها البعض. فالقدرة على التبسيط دون الابتعاد عن الثوابت العلمية ليست مُتاحةً لكل المختصّين...

تابعتُ لسنوات القنوات العالميةَ العامة والمختصة ولم اجد يوما مختصا في علم التاريخ يناقش مختصا في علم الاقتصاد حول نظام الصرف او محددات التجارة العالمية، ولم اشهد رياضيا يقيّم أعمال تشيفوسكي او يعلِّق على فقه القضاء المقارن…

قارنت يوسف الصديق وغيره بنُظرائهم من علماء الرياضيات النظرية، او المختصين في علم الجينات او الأشعة وتصوّرت انهم لن يقبلوا المقارعة مع من هم دونهم اختصاصا في مواضيع دقيقة إلا اذا كانت مجاملةً، لأنهم يعلمون مسبقا عُقم الحوار…

بيت القصيد هو أن الفضاء العام يسمح عبر الاعلام والشبكات الاجتماعية ببروز اسماء تؤثر في صناعة الرأي العام وتوجيهه ولكن كذلك يسمح بنحت الشخصية التي يريد أيّ كان ان ينتحلها، وقوانين السوق في آخر المطاف هي التي تصدّق و تكذّب…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات