ملاحظات أولية حول القائمات الانتخابية

Photo

لا شك أن القدرة على تشكيل القائمات و حجم الترشحات مؤشران تمهيديان على توازنات المشهد السياسي قبل أن يبوح الصندوق بأسراره بعد أكثر من شهرين .

المعلومات الأولية التي ظهرت في آخر أيام الترشحات تؤكد الملاحظات الاولية التالية :

أولا : قوة الحزبين الرئيسين : النهضة و النداء من حيث الانتشار البشري عبر ما أبرزه الحزبان من قدرة على تغطية كل الدوائر بفارق كبير عن باقي الأحزاب المنافسة بأطيافها المختلفة .و اذا كانت قدرة النهضة تبدو ذاتية بحكم تفوقها المعلوم تنظيميا و بشريا على غيرها من الأحزاب فان نداء تونس يؤكد أن الشق الذي ورث الحزب بعد انشقاقاته المضاعفة استفاد من وجوده في الحكم و حافظ على "الماكينة الانتخابية" التي اشتغل بها في 2014 على عكس ما توقع البعض من امكانية توزع هذه الماكينة و قدراتها على باقي الشقوق و الأحزاب التجمعية و الدستورية التي تنافسه على وراثة "المنظومة".

ثانيا : الانهيار الرهيب لما سُمي بالاتحاد المدني الذي قدم نفسه بديلا رئيسيا عن الائتلاف الحاكم خصوصا وهو يضم شقين رئيسيين من مشتقات النداء أي "المشروع" و "تونس اولا" بالاضافة الى التحاق "الجمهوري" و "آفاق" بهذا الاتحاد فضلا عن الدعم الدعائي الذي لقيه من الخط المهيمن على أغلب المؤسسات الاعلامية العمومية و الخاصة التي لم تتوقف عن اسناده في مواجهة الائتلاف الحاكم منذ بداية الانشقاقات داخل نداء تونس عبر جهد اعلامي يومي في هرسلة "شق حافظ" و حركة النهضة .

انهيار الاتحاد المدني و ضعف ترشيحاته يصبح غريبا في ظل حيازته على دعم معلوم من عدد كبير من دوائر الادارة العميقة و شق من اجهزة السيستام و عدد من رجال المال و القوى الدولية و النخب المستحضرة للاستقطابات التقليدية . هذا الانهيار يمنح مشروعية الاستنتاج بأن ما نراه على ساحة "الجدل الاعلامي" لا يعبر على حقيقة الواقع على الأرض و في أعماق الدولة و المجتمع وهو ما قد يسمح لائتلاف الحزبين الكبيرين (ن +ن) بشجاعة اجراءات موجعة على الساحة الاعلامية و أجهزة الدولة المتمردة عليهما .

ثالثا : الضعف المتوقع لقوى المعارضة الراديكالية و الديمقراطية الاجتماعية و ضمور انتشارها البشري و عجزها عن الاستثمار التنظيمي في "الغضب الشعبي" من تعطل مسار الاصلاح و فشل الائتلاف الحاكم . وهو ما يؤكد مرة اخرى أن "غضب الناس" من أداء الفريق الحاكم لا يعني بالضرورة الذهاب الى المعارضة الحالية .

هذا الضعف الذي تتعدد عوامله من الأخطاء الي ارتكبتها بعض الاحزاب في عملية بنائها الجديد .اضافة الى غياب جاذبية الخطاب السياسي لبعض هذه الاحزاب التي بقيت حبيسة خطاب احتجاجي استعراضي استيهامي في الاعلام و شبكات التواصل دون فعل على الارض . وصولا الى قلة المهارات التعبوية و نفور النخب و القوى القادرة على التجميع من هذه الأحزاب التي أنهكتها قيادات عليا و وسطى منفرة لا جاذبة .

أخيرا :قوة الحزبين الأكبرين تبقى نسبية في علاقة بضعف منافسيها و لن تتأكد مطلقا إلا بعد معرفة نسبة المشاركة الشعبية .و في كل الأحوال فغياب القوة التعديلية الثالثة يبقى نقيصة في المشهد السياسي التونسي و هو ما يقتضي تفكيرا عميقا لدوزنة المشهد بما يضمن الاستقرار الديمقراطي .و للحديث بقية .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات