عن الفشل التاريخي لقوة القانون في مواجهة قانون القوة

Photo

لا أحب أن أكون مكان القاضي الفاضل الذي قرر إيقاف أعوان أمن من أجل شبهة تعذيب موقوف في محكمة بن عروس وهو يواجه ضغط أعوان الأمن المسلحين بالعدد والعدة ومعدات الدولة وأسلحتها لأن المعادلة هنا غير إنسانية وغير أخلاقية بسبب الفشل التاريخي لقوة القانون في مواجهة قانون القوة،

وهي صورة واقعية عن المآل الكارثي التي تسير إليه البلاد. أن ترعب مواطنا بوسائل الدولة وأسلحتها، فهذا قابل للعلاج عند القضاء، أما أن ترعب القاضي، فهذا رسالة إلى كل زملائه من القضاة حول الطرق الأسلم للعودة سالما إلى زوجته وأبنائه وأمه، سواء في مواجهة أعوان الأمن أو أصحاب المال الفاسدين أو الفساد نفسه، طالما هي مسألة قوة،

العلاقة بين القاضي وأقوى رجل في الأمن عمودية: تبدأ تقليديا بوقوف الضابط على مسافة احترام في حالة استعداد ثم أداء التحية بلهجة الرأس، انتظارا للأوامر والتعبير عن الجاهزية للتنفيذ حتى بالفداء بالنفس، وأي خروج عن ذلك يسمى تمردا في كل دساتير العالم،

عزاء هذا القاضي في زميله في محكمة سوسة الذين داهمه في حرم المحكمة 55 عون أمن بالزي القتالي وسط صرخات قتالية لتخليص زميلهم من براثن العدالة، أو في رئيس الحكومة السيد الحبيب الصيد الذي قيل لي إنه "مهما نسي، فلن ينسى محاصرة مكتبه من نقابات الأمن تحت شعار: "هبليه يا نقابة هبليه"،

ثمة جراح لا تبرأ أبدا، مثل التي يجترحها بعض ممثلي نقابات الأمن، ليس لأنها تمس قاضيا، بل لأنها تمس كبرياء الوطن ومعناه العميق،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات