غزوة البوليس لمحكمة بن عروس : ماذا خفي عنا في خضم المعمعة..؟!

Photo

لا نزال جميعا مواطنين و نشطاء و اعلاميين و محامين و قضاة مصدومين من اجتياح البوليس بأسلحتهم و تجهيزاتهم و سياراتهم للمحكمة الابتدائية ببن عروس... هذه الفضيحة التي خطط لها و أشرفت على تنفيذها بعض النقابات الامنية بتنسيق محتمل مع بعض الاطراف السياسية التي ساندت الامنيين المتهمين بالتعذيب لم تكن الاولى من نوعها فقد سبق لعديد الامنيين اقتحام المحاكم و اخراج زملائهم الموقوفين على ذمة قضايا التعذيب عنوة من المحكمة...

لكن هل هناك خفايا أخرى بخصوص هذا الملف...؟

أولا : توافق الجميع قضاة و محامين ان ضحية التعذيب مشتبه به ( لم تثبت ادانته بعد ) في قضية سرقة - براكاج لسيارة لا قضية ارهابية. ما لم يذكر اعلاميا و لا أمنيا هو هوية اصحاب السيارة التي سرقت عنوة و الذي كان عاملا هاما لممارسة التعذيب على الضحايا…

السيارة المسروقة كان على متنها اثنان شاب و فتاة... الشاب الذي كان يقود السيارة هو ابن لأحد الاطارات الامنية مما جعل البوليس بالمركز العدلي بحمام الانف يبذل جهدا استثنائيا للقبض على المتهمين و تعذيبهم و التنكيل بهم ان لزم الامر اكراما لعيون الاطار الامني الذي سرقت سيارة ابنه.

ثانيا :عملية البراكاج تمت بالتنسيق مع ابن اطار أمني ثاني ( موقوف على ذمة الابحاث) كانت والدته حاضرة في اعتصام و احتجاج الامنيين على ايقاف زملائهم المعذبين…

ثالثا : ضحية التعذيب عامر البلعزي سبق له ان تعرض للتعذيب للإمضاء على اعترافات مكذوبة من قبل امنيين في فرقة مكافحة الارهاب إلا انه و بعد الافراج عليه لثبوت ان تلك التصريحات ملفقة قام بالتنازل عن شكواه في التعذيب بضغط من بعض الأمنيين. فكان جزاء تنازله عن شكايته مكافأته بالتعذيب مرة أخرى.

رابعا: ثبت بالتقرير الطبي و بمعاينة النيابة العمومية و بأعمال الهيئة الوطنية لمكافحة التعذيب تعرض المظنون فيه لتعذيب وحشي نتج عنه 22 كدمة و خروج الدم من الراس و الأذن و يدان ممزقتان بشظايا البلور…

إلا ان النيابة العمومية رفضت تتبع الجناة من اجل التعذيب و قامت بتتبعهم جزائيا من أجل جريمة الاعتداء بالعنف من قبل موظف عمومي بدون موجب على الناس حال مباشرته لوظيفته موضوع الفصل 101,مجلة جزائية عوضا عن تطبيق القانون و تتبعهم من أجل جريمة التعذيب مناط الفصل 101 مكرر و الخلاف بين الجريمتين كبير في العقوبة و في التوصيف فالأولى عقوبتها في الاقصى خمس سنوات باعتبارها جنحة و الثانية جناية عقوبتها 8 سنوات و خطية بعشرة ألاف دينار ترفع في حال بتر عضو الى 12 سنة و خطية بعشرين الف دينار كحال ضحية التعذيب في حمام الانف الذي بتر اصبعه مما استوجب عملية..

توصيف الجريمة بالتعذيب يجعل الجريمة و العقاب مشتركا بين من امر بالتعذيب و من نفذه و من علم به دون اخبار السلطات مما يعني معاقبة اغلب الامنيين الحاضرين و المتسترين على التعذيب و هو ما رفضته النيابة العمومية ببن عروس لتصبح بذلك شريكا في جريمة التعذيب حسب التنقيح الجديد للمجلة الجزائية و متسترا على الجناة يتبعها في ذلك حاكم التحقيق الذي اذعن لتهديد النقابات الأمنية و اذن بالإفراج عن الجناة ليمكنهم بالتالي من الافلات من العقاب بينما بقي ضحية التعذيب موقوفا رغم ضعف ادلة الادانة ضده.


وسام عثمان: محامي

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات