هناك دعوات لمظاهرة في شارع بورقيبة يوم الثلاثاء 20 مارس الجاري للمطالبة باسترجاع حق التونسيين في الثروات التي نهبها المستعمر على إثر نشر هيئة الحقيقة و الكرامة لوثائق في الموضوع.
عشنا الأسبوع الماضي على تفاعل المجتمع بخصوص هذه الوثائق. وقعت البارحة مظاهرة في شارع بورقيبة طالب المشاركون فيها بعدم إقرار المساوات في الميراث. تدعوا النقابة العامة للتعليم الثانوي إلى وقفة إحتجاجية أمام وزارة التربية يوم 22 مارس الجاري.
وقع إجتماع للموقعين على وثيقة قرطاج أخيرا انتهى إلى طلب الأحزاب و المنظمات إلى تقديم مقترحاتهم بشأن تغيير الحكومة و الخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد على أكثر من مستوى. يتعثّر مسار تركيز المحكمة الدستورية. لم تقع المصادقة على مجلة الجماعات المحلية بعد.
يقرر بعض النواب رفع قضيّة إدارية في خصوص تعيين جلسة عامة للبتّ في مسألة تمديد مهام هيئة الحقيقة و الكرامة. كلّ هذا و البلاد تعيش أزمة إقتصادية خانقة من جهة و من جهة أخرى فنحن مقدمون على انتخابات بلدية حمى وطيس التنافس فيها قبل موعد إنطلاق الحملات الإنتخابية لها.
السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أنّ هذه الإنتخابات هي سبب كلّ هذا الحراك ؟ و هل سيتأثّر المسار الإنتخابي بهذه الأحداث؟ إن نختلف ربما في الإجابة عن الجزء الأوّل من السؤال لا يمكن أن يختلف إثنان في أنّ الإنتخابات البلدية تتهدّدها مخاطر ما سبق ذكره من نقاط خلاف تعيشها تونس هذه المدة.
من هنا يكون من الأفضل للجميع أن يؤجّل توظيف الشارع لأيّ مطلب كان. فإذا صبرنا 70 سنة منذ وثيقة 20 مارس 1956 على حال فلن تتأثّر المسألة إذا أجّلناها بعض الأسابيع. في الأثناء ما قدّمه التيار الديمقراطي من طلب رسمي بعدم تجديد العقود يكون عمل رصين في طريقه يمكن أن يُقتدى به.
كذلك الميراث فالمسألة ليست حارقة بشكل يجعلنا نقدّمها على الإهتمامات الأبجل رغم ما نعلمه من ضغط من الدوائر العالمية التي تقايضنا بهذا في القروض و الدعم. أمّا في خصوص التعليم الثانوي فتتحمّل الحكومة مسؤولية تردّي الوضع حيث أنّها لم تفتح الحوار الجدّي و هو الشرط الوحيد للنقابة لحلحلة المسألة و تسليم الأعداد للإدارة.
على الحكومة أن تجلس على طاولة المفاوضات ممثَلة بأربع وزراء و هم وزير التربية و وزيرة الشباب و الرياضة و وزير المالية و وزير الشؤون الإجتماعية. لن يتبع أغلب الأساتذة نقابتهم لو بعد حضور هؤلاء الأربعة وزراء لم يقع إرجاع الأعداد لأنّ ذلك هو الشرط المكتوب في المسألة.
إنّ الإنتخابات البلدية رغم ما في قانونها الإنتخابي من سلبيات و أهمّها جعلها على القائمات و ليست على الأفراد تكتسي أهميّة بالغة لتحقيق الإستقرار في البلاد على أكثر من صعيد. و لقد تأخّرت تونس في بلوغ هذه الخطوة البناءة في الإنتقال الديمقراطي و القطع مع الماضي الرديئ بكلّ سلبيّاته.
لن يكون مهمّا من سينتصر في هذه الإنتخابات بالمرة. الأهمّ هو أن تونس بمجرّد إنجاز تلك الإنتخابات تكون قد تجاوزت مرحلة حرجة جدّا و بلغت شاطئ السلام على أكثر من مستوى. و على كلّ فالجميع أو على الأقلّ أغلب القائمات سيكون لها ممثلين في المجالس البلدية فيكون الجميع منتصرا. فمن أراد بالبلاد خيرا فليعمل على التهدئة إلى حين بلوغ هذا الهدف الهام.